Daular Musulunci da Wuraren Tsarki
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Nau'ikan
فلما انتشر الإسلام في ربوع البلاد العربية كلها نشأت دعوة تقاومه، لم تلبث أن تمخضت عن حركة الردة التي استفحلت في عهد أبي بكر. ولقد تردد غير واحد من كبار الصحابة بادئ الرأي في مجاراة الصديق حين دعا لمحاربة المرتدين، فلو أن الدعوة إلى الإعفاء من الزكاة استفحلت لاستفحلت معها فكرة الردة، ولخيف على الدين الناشئ ألا يستقر في النفوس، فلا يكون الإيمان به قويا إلى الحد الذي يقيم إمبراطورية عظيمة.
فلما انتصر أبو بكر في حروب الردة، وجمع شبه الجزيرة تحت لواء واحد، وأقر وحدتها السياسية إلى جانب وحدتها الدينية، آن للعرب أن يندفعوا لغزو العراق وغزو الشام، وكان هذا أول التمهيد للفتح وللإمبراطورية.
ولم يكن هذا التمهيد مأمون العاقبة، فقد انقضت خلافة أبي بكر، وانقضت سنة أو نحوها من خلافة عمر بن الخطاب، والعرب مقيمون على تخوم العراق وعلى تخوم الشام، يتخطون هذه التخوم حينا، ويردون عنها أحيانا. ولو أن القوة التي وقفت أمامهم كان في مقدورها أن تصمد لهم لتغير وجه التاريخ.
ويذهب بعضهم إلى أن الأمر لو أسند إلى خليفة غير عمر، لتغير وجه التاريخ كذلك، لكن قوة الروم وقوة الفرس تضعضعت أمام سياسة عمر وبأس الغزاة، فاندفع هؤلاء يتخطون العراق إلى فارس، ويتخطون الشام إلى مصر، ولا يحاولون أن يكرهوا الناس من أهل هذه البلاد حتى يكونوا مسلمين.
ريح الثورة
وانقضت خلافة عمر، وانقضى الشطر الأول من خلافة عثمان، ثم بدأت ريح الثورة تهب في أرجاء الإمبراطورية الناشئة؛ في مصر، وفي العراق، وتنتهي إلى قتل الخليفة الشيخ عثمان بن عفان. فلما وقع هذا الحادث الأليم انطفأ لهب الثورة حينا، ليندلع بعد ذلك أشد ما يكون أوارا، فتكون الحرب الداخلية بين علي ومعاوية؛ أي بين بني هاشم وبني أمية، وتظل أجزاء الإمبراطورية في الشام والعراق ومصر، وفي شبه الجزيرة نفسها، في اضطراب أيما اضطراب.
أين كان الروم، وأين كان الفرس إذ ذاك، وكيف بقيت الإمبراطورية الإسلامية بعد ذلك ثابتة القواعد وطيدة الأركان، فلم يفكر قياصرة بيزنطة، ولا فكر وارثو الأكاسرة في مهاجمتها وتقويض أركانها؟!
لم يقف الأمر عند عجز الروم والفرس دون انتهاز هذه الحروب الداخلية التي شتتت العرب شيعا وأحزابا، بل انتهت هذه الحروب بفوز بني أمية بالملك، ثم قيامهم بعد ذلك بتنظيم الإمبراطورية من جديد، وكأن لم تقع حرب أهلية، وكأن مصر والشام والعراق وفارس قد أصبح أهلهم عربا متعاونين على تقوية هذه الإمبراطورية وتدعيم بنائها. ثم امتدت الإمبراطورية بعد ذلك، واشتملت على أمم وولايات لم تدخل حظيرتها في عهد عمر ولا في عهد عثمان.
وشبت الثورة بعد ذلك بين الأمويين والعباسيين، وانتهت بظفر الآخرين بالملك، ثم لم تجن الحروب الداخلية على الإمبراطورية، بل ازدادت هذه الإمبراطورية قوة حتى آن لعوامل الانحلال أن تتسرب إليها.
انقضت بين التمهيد للإمبراطورية وبدء انحلالها قرون عدة، نشر أبناء الإمبراطورية أثناءها حضارة جديدة، أظلت العالم ووجهت مصائره، ثم استجنت بعد انحلال الإمبراطورية منتظرة أن تبعث من جديد. (2) رسالة الحرية والمساواة
Shafi da ba'a sani ba