Daular Musulunci da Wuraren Tsarki
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Nau'ikan
مع ذلك ظلت حرية الرأي تحارب الحين بعد الحين، حتى إذا قامت الفاشية والنازية في هذا القرن العشرين، قضت عليها في إيطاليا وفي ألمانيا قضاء مبرما. ولهذا رأى روزفلت وتشرشل ضرورة النص عليها في ميثاق الأطلنطي، واعتبراها الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الحياة الإنسانية، فالإنسانية المحرومة من حرية الرأي محرومة من أول عناصر الحياة الإنسانية الصحيحة، ومن أقوى عنصر يدفع إلى التقدم في سبيل الكمال. (3) حرية الرأي والتعاون
أما والإسلام يقر حرية الرأي والتعبير عنه، فتعاون الدول الإسلامية مع الدول التي تدين بغير الإسلام على أساس من هذه الحرية ليس ممكنا وكفى، بل هو واجب لخير الناس جميعا على اختلاف أديانهم وأوطانهم.
والواقع أن التعاون غير مستطاع بين الأمم في عالم حر، إذا لم تكن حرية الرأي أساس هذا التعاون، فصلة الأمة بالأمة كصلة الرجل بالرجل، لا تقوم إلا على أحد الأساسين: التفاهم أو الإكراه.
والإكراه إذلال للروح، وتدمير لخير مقوماتها وفضائلها، فهو كذلك في أمر الفرد وفي أمر الجماعة، وفي أمر الأمم وعلاقات بعضها ببعض. وهو هو الذي يثير الحروب وما تجر إليه من آلام ودموع وخراب ودمار.
أما التفاهم فهو وحده الجدير بالإنسان، وليس للتفاهم سبيل إلا حرية الرأي، هذا إلى ما تؤدي إليه هذه الحرية من خير يعم الإنسانية كلها في مختلف العصور والأمم.
ولا حاجة بي إلى القول بأنا ننعم اليوم في كثير من معاركنا ومن مقومات حياتنا بثمرات هذه الحرية بعدما دفع أصحابها حياتهم ثمنا لها، لأنهم رأوها أعز من الحياة، ورأوها وحدها التي تصل بنا إلى الحقيقة، والحقيقة الإنسانية - وإن تكن نسبية - هي التي أبلغتنا في هذا العالم ما بلغناه من رقي وحضارة. (4) أثر الحرية في الأفراد والجماعات
ويسير عليك أن ترى ما لهذه الحرية من أثر في حياة الأفراد وفي حياة الجماعات، فالعلاقات القائمة بين الأفراد على أساس من التفاهم الحر هي التي تبقى؛ لأن هؤلاء الأفراد أقاموها مختارين لا يتحكم أحدهم في صاحبه، ولا يكرهه على شيء لا يريده.
والأمر كذلك بخاصة إذا كان هذا التفاهم حرا غير مشوب بشائبة تجعل أحد الطرفين يسعى للتخلص من نتائجه إذا واتته فرصة لهذا التخلص. وعلاقات الأمم القائمة على التفاهم الحر شأنها كشأن علاقات الأفراد سواء، فإذا ارتقى الأمر من مستوى التفاهم على المنافع الخاصة أو العامة إلى حرية كل فرد في إعلان رأيه، والتعبير عنه صادق القصد حسن النية، كانت هذه الحرية أقدس شيء في الحياة وأعزه، ثم كانت إلى ذلك غذاء الحياة الاجتماعية في الأمة، حافز الإنسانية كلها إلى التقدم خطوات فسيحة نحو الحضارة المثلى.
وتاريخ الإنسانية يشهد بهذه الحقيقة، فقد تنقلت المدنيات في حقب التاريخ المختلفة من الشرق إلى الغرب، ومن حوض البحر الأبيض إلى حوض الأطلنطي وإلى حوض الباسفيكي، فلم تكن مدينة تزدهر ازدهارا حقيقيا في غير ظلال الحرية العقلية الصحيحة.
فإذا أظلت الحرية الناس، كانت الفلسفة وكان العلم والأدب والفن، ترتقي كلها وتنتظم الجماعة في كل طبقاتها، وتدفع الجميع إلى الأمام، يتنافسون متضامنين في سبيل الرقي، فإذا الصناعة تعظم، وإذا الزراعة تينع، وإذا التجارة تتضاعف ثمراتها، وإذا النشاط الإنساني في شتى صوره يتضاعف تضاعفا هندسيا مضطردا
Shafi da ba'a sani ba