Daular Musulunci da Wuraren Tsarki
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Nau'ikan
لم يكتف الإسلام بهذه القيود التي فرضها على الملكية وثمراتها وطريقة توزيعها، بل جعل على أصحابها حقوقا لبيت مال المسلمين يؤدونها زكاة عن أموالهم وصدقة تطهرهم، وجعل للفقراء الذين حرموا السعة في الرزق، وللمحتاجين الذين ثقلت عليهم الحياة حقوقا في بيت مال المسلمين مقررة بقوله تعالى:
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم
والحديث المأثور عن النبي - عليه السلام - أنه قال: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم» يتفق تمام الاتفاق وأحكام الآية السابقة من القرآن، على أن الإسلام لا يريد أن يكون هذا الاشتراك في مال الأغنياء - مما جعله حقا للفقراء - أمرا تشريعيا ينزل المشرع حكمه طائعا أو كارها، بل أراده أمرا تعبديا يجب أن يتصل بالإيمان اتصال الصلاة والصوم وسائر الفروض. وذلك قوله تعالى:
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون .
الاشتراكية الإسلامية يجب أن تقوم بالنفس على أنها من فرائض الإيمان، وهذا الإيمان نفسه له في قيام الاشتراكية أثر بالغ. (2) أسس الاشتراكية الإسلامية
الاشتراكية الإسلامية تناقض الشيوعية وتحاربها، فهي - على خلاف الشيوعية - تعتبر الملك والأسرة والميراث نظما أساسية في الحياة الاجتماعية، لكنها ترى الغنى الفاحش مصدر طغيان يخشى خطره؛ لذلك عملت للحيلولة دون قيام الملكية الكبيرة على أساس غير المجهود الذاتي، فحرم القرآن الكريم الربا، وجعل الميراث وسيلة فعالة لتجزئة الملك، ثم فرض للفقراء حقوقا على الأغنياء، وجعل هذا كله من فرائض الإيمان، فكفل بذلك للاشتراكية الإسلامية القوة والبقاء.
وأبادر، بادئ ذي بدء، بتفسير ما أقوله من أن الإسلام جعل هذه الأمور من فرائض الإيمان، فإن كثيرين يسألون: لم فرض الإسلام على الناس أمورا تدخل في نظام حياتهم في هذا العالم، ولم يكتف بالعبادات وما بين المرء وخالقه مما يتصل بالعقيدة، ليترك ما بين الناس بعضهم وبعض، ينظمونه على مقتضى مصالحهم في العصور المختلفة، والأمم المختلفة؟
وأكرر ما سبق أن قلته غير مرة: إن القرآن الكريم لم يتناول تفصيل المسائل بل مبادئها العامة، ثم ترك التفاصيل ينظمها الناس بما يحقق مصالحهم، واجتهاد المسلمين في العصور المختلفة، واحترامهم جميعا للمذاهب المختلفة التي أقامها هذا الاجتهاد، أقوى حجة على هذا. وما جاء به القرآن الكريم من المبادئ العامة لنظام الحياة الدنيا جوهري في الإسلام لسلامة العقيدة، ولذلك كانت العقيدة السليمة والإيمان الصادق، قوام هذا الدين ، وكانت مصدر النظام الروحي الذي يجب أن يقوم الخلق الحسن على أساسه. وكل خروج في نظم الحياة الاجتماعية على قواعد الخلق، وعلى النظام الروحي الذي تقوم عليه، جدير بأن يترك أثره السيئ في الأخلاق وفي العقائد العامة، وفي الإيمان والعبادات المترتبة عليه.
يجب علي، لأزيد هذه الفكرة وضوحا، أن أذكر اتجاه الإسلام الواضح في تقرير سلطان الروح في سموها إلى المثل الأعلى على الغرائز الإنسانية الجمعية في حدود الحياة، وحاجاتها العاجلة. والناس جميعا - على اختلاف أديانهم ومذاهبهم - يؤمنون بهذا السلطان، وإن كانوا لا يرتبون عليه كما يرتب الإسلام كل نتائجه. وهل غرضنا جميعا من تربية أبنائنا وتهذيب نفوسنا إلا أن نهذب هذه الغرائز، وأن نبلغ بتهذيبها أسمى المبادئ الإنسانية؟ وأكثر الأمم رقيا، وأكثرها نجاحا في تربية أبنائها، هي التي تصل بهم إلى الإيمان بمبادئ الغيرية والإيثار على أنها واجب عليهم لأنفسهم، ولأبناء جنسهم. وهم لذلك يقررون ما توجبه هذه المبادئ بوحي ضمائرهم، وإن لم يفرضها عليهم قانون أو يلزمهم بها سلطان.
والتربية والتهذيب غرضهما الأساسي تقوية سلطان العقل والروح على الغرائز الأولية التي يحركها الحرص على الاحتفاظ بالحياة، وكلما زاد سلطان العقل والروح على الغرائز السليقية، ازددنا إيمانا بفكرة الواجب وإذعانا لندائه المنبعث من ضمائرنا، فإذا بلغ اقتناعنا بهذه الفكرة مبلغ الإيمان، وأيقنا بأن هذا الواجب يفرضه علينا بارئ الوجود، وزاد بنا اليقين فعلمنا أن هذه الحياة ليست كل شيء، وأن النتائج العاجلة التي نجنيها من إطاعة غرائزنا الأولية كثيرا ما تضرنا في حاضرنا وفي مستقبلنا، كنا أشد بالواجب إيمانا، ثم رتبنا على مقتضى هذا الواجب معاملتنا للناس وصلتنا بهم.
Shafi da ba'a sani ba