344

فلما تقاضيا أمر سليمان يزيد بن مهلب بتخلية موسى وابنيه، والكف عنه، فأعانه يزيد بن المهلب بمائة ألف دينار، فأهدى إليه موسى حقا فيه ثلاث خرزات، فبعث بهن إلى ابن المهلب فقومهن، فقوبلن بثلاث مائة ألف دينار.

فقال ابن المهلب لموسى: أتدري لم قلت لأمير المؤمنين أنا أضمه؟قال: لا، قال: خفت أن يجيبه قبلي من لا يرى فيك ما أنا عليه لك، وكانت لك يد عند المهلب رحمه الله[ (1) ]. فأحببت أن أجزيك بها عنه، وبالله لو لم تفعل وأبيت عن المقاضاة ما شاكتك عندي شوكة حتى لا يبقى لآل المهلب مال ولا ثوب. قال:

فجزاه موسى خيرا.

ذكر يد موسى إلى المهلب

قال: وذكروا أن مخبرا أخبرهم من شيوخ الشام ممن أدرك القوم وصحبتهم قال: كانت اليد التي أسداها موسى إلى المهلب، أن عبد الملك بن مروان لما ولى العراق بشرا أخاه، جعل منه موسى بن نصير وزيرا ومديرا لأمره، وقد كانت الأزارقة أفسدت ما هنالك، فأمر عبد الملك بشر بن مروان أن يولي المهلب قتالهم[ (2) ]، وكان بشر للمهلب مسيئا، فلما قدم بشر العراق، وعلم المهلب برأيه، اعتزل بشرا، فلم يأته، فولى بشر بن مروان قتال الأزارقة، الوليد بن خالد، فانهزم وافتضح، ثم ولى بشر رجلا آخر، فلم يصنع شيئا، فكتب عبد الملك إلى بشر أخيه، يفند رأيه فيما صنع، ويوبخه لما خالف أمره، فصمم بشر على رأيه، فلما استغلظ أمر الأزارقة، استشار بشر بن مروان أسماء بن خارجة، وعكرمة بن ربعي، وموسى بن نصير في أمر المهلب. فأما [ (1) ]كان بشر بن مروان قد هم بالمهلب، فكتب إليه موسى بن نصير يحذره فتمارض المهلب ولم يأته حين أرسل إليه. (العقد الفريد 4/428) . وكان عبد الملك قد أمر بشر أن يولي المهلب حرب الأزارقة، وكان بشر كره ذلك فقال: والله لأقتلنه: فقال له موسى بن نصير: أيها الأمير إن للمهلب حفاظا وبلاء ووفاء... (انظر تفاصيل الخبر في الكامل للمبرد 3/1297 وما بعدها) .

[ (2) ]نص كتاب عبد الملك إلى أخيه بشر بشأن تولية المهلب حرب الأزارقة في الطبري 7/207 (حوادث سنة 74) وفي الكامل للمبرد 3/1297 نص آخر للكتاب.

قال المبرد: وكتب بشر إلى أخيه عبد الملك يعلمه أن المهلب عليل وأن بالبصرة من يغني غناءه، وذلك لأن بشر شق عليه ما أمره به عبد الملك بشأن عبد الملك. والخبر فيهما مختلف عما هنا بالأصل، قارن النصوص الثلاثة.

Shafi 109