Imamanci da Siyasa
الامامة والسياسة
حيث كانت، وقد سمعت أمير المؤمنين يذكر أنه صالبك غدا، فأحدث عهدك[ (1) ]، وانظر فيما أنت فيه ناظر من أمرك. فقال له موسى: قد فعلت، وأسندت ذلك إليك. فقال له عمر: لو قبلت ذلك من أحد قبلت منك، ولكن أسند إلى من أحببت. فانصرف، فلما أصبح اغتسل وتحنط وراح، ولم يشك في الصلب.
فلما انتصف النهار، واشتد الحر، وذلك في حمارة الصيف، دعا سليمان موسى، فأدخل عليه متعبا، وكان بادنا جسيما، به نسمة لا تزال تعرض له. فلما وقف بين يديه، شتمه وخوفه وتوعده، فقال له موسى: أما والله يا أمير المؤمنين ما هذا بلائي، ولا قدر جزائي، إني لبعيد الأثر في سبيل الله العظيم الغناء عن المسلمين، مع قدمة[ (2) ]آبائي مع آبائك، ونصيحتي لهم. قال: فيقول له سليمان:
كذبت، قتلني الله إن لم أقتلك. فلما أكثر على موسى قال له: أما والله لمن في بطن الأرض أحب إلي ممن على ظهرها. فقال سليمان: ومن أولئك واستطير.
فقال له موسى: مروان، وعبد الملك والوليد أخوك، وعبد العزيز عمك. قال:
فكاد سليمان ينكسر. ثم يقول: قتلني الله إن لم أقتلك. فيقول له موسى: ما أنت بفاعل يا أمير المؤمنين؟فيقول: ولم؟لا أم لك . فيقول له موسى: إني لأرجو ألا يكرم موسى بهوان أمير المؤمنين وموسى حينئذ قائم في الشمس، قد ارتفع نفسه[ (3) ]، وعظم بهره[ (4) ]، ثم التفت سليمان إلى عمر بن عبد العزيز، فقال:
ما أرى يميني إلا قد برئت يا عمر. قال عمر: فاغتنمتها منه، ولم أبال أن يحنث بإحياء رجل من المسلمين. فقلت: أجل يا أمير المؤمنين، امرؤ كبرت سنه، وكثر لحمه، وبه نسمة وبهر وسقم. فما أراه إلا ميتا. قال: ثم التفت سليمان إلى جلسائه فقال: من يأخذ هذا الشيخ، فيستخرج منه هذه الأموال؟فقال [ (1) ]أي اكتب وصيتك.
[ (2) ]يشير إلى خدمات أبيه نصير، فكان على حرس معاوية. أما موسى الذي ولد سنة 19 ه، فقد ولي غزو البحر لمعاوية، وغزا قبرص وبنى هناك حصونا كالماغوصة وحصن بانس، وكان نائب معاوية عليها بعد ذلك، وشهد مرج راهط مع الضحاك ثم التجأ إلى عبد العزيز بن مروان، ولما عين بشر بن مروان على العراق جعله عبد الملك وزيرا لبشر (ولي خراج العراق) وقيل إن بشر قلده أموره. (البداية والنهاية 9/194 والنجوم الزاهرة 2/235 وفيات الأعيان 5/318) .
[ (3) ]يشير إلى نوبة ربو أصابته، وكان مصابا بانقصاب النفس.
[ (4) ]عظم بهره: انقطع نفسه من الإعياء والتعب، ومرضى الربو ينتصب نفسهم ويعظم في حالة الإرهاق والتعب.
Shafi 106