287

Imamanci a Haske na Littafi da Sunna

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

فأما عام تبوك فإنه كان قد أسلمت العرب بالحجاز، وفتحت مكة وظهر الإسلام وعز. ولهذا أمر الله نبيه أن يغزو أهل الكتاب بالشام، ولم تكن المدينة تحتاج إلى من يقاتل بها العدو.

ولهذا لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم عند علي أحدا من المقاتلة، كما كان يدع بها في سائر الغزوات، بل أخذ المقاتلة كلهم معه.

وتخصيصه لعلي بالذكر هنا هو مفهوم اللقب، وهو نوعان: لقب هو جنس، ولقب يجري مجرى العلم، مثل زيد، وأنت. وهذا المفهوم أضعف المفاهيم، ولهذا كان جماهير أهل الأصول والفقه على أنه لا يحتج به. فإذا قال: محمد رسول الله. لم يكن هذا نفيا للرسالة عن غيره، لكن إذا كان في سياق الكلام ما يقتضي التخصيص، فإنه يحتج به على الصحيح.

كقوله: { ففهمناها سليمان } [الأنبياء: 79]، وقوله: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } [المطففين: 15].

وأما إذا كان التخصيص لسبب يقتضيه، فلا يحتج به باتفاق الناس. فهذا من ذلك؛ فإنه إنما خص عليا بالذكر لأنه خرج إليه يبكي ويشتكي تخليفه مع النساء والصبيان.

ومن استخلفه سوى علي، لما لم يتوهموا أن في الاستخلاف نقصا، لم يحتج أن يخبرهم بمثل هذا الكلام، والتخصيص بالذكر إذا كان لسبب يقتضي ذاك لم يقتض الاختصاص بالحكم، فليس في الحديث دلالة على أن غيره لم يكن منه بمنزلة هارون من موسى، كما أنه لما قال للمضروب الذي نهى عن لعنه: ”دعه فإنه يحب الله ورسوله“(1) لم يكن هذا دليلا على أن غيره لا يحب الله ورسوله، بل ذكر ذلك لأجل الحاجة إليه لينهى بذلك عن لعنه.

Shafi 29