168

قال السائل : فما أقول؟ قال عليه السلام : لا جسم ولا صورة وهو مجسم الأجسام ، ومصور الصور ، لم يتجزأ ولم يتناه ، ولم يتزايد ولم يتناقص ، لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ، ولا بين المنشئ والمنشأ ، لكن هو المنشئ فرق بين جسمه وصوره وأنشأه ، إذ لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا (1).

أقول : كاد أن يسيل هذا البيان رقة ولطفا مع قوة الحجة ومتانة التركيب وقد أغنى بوضوحه عن ايضاحه.

وقال مرة اخرى : فمن زعم أن الله في شيء أو على شيء أو يحول من شيء الى شيء أو يخلو منه شيء أو يشتغل به شيء فقد وصفه بصفة المخلوقين والله خالق كل شيء لا يقاس بالقياس ، ولا يشبه بالناس ، لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ، قريب في بعده بعيد في قربه ، ذلك الله ربنا لا إله غيره (2).

أقول : ما أبدع هذا الوصف منه عليه السلام ، وما أدق معنى قوله « قريب في بعده بعيد في قربه » ويحتاج إدراكه الى لطف قريحة وفطرة ثانية.

وما اكثر ما جاء عنه عليه السلام في هذا المعنى ونجتزي عنه بهذا القدر. ومما يجب أن يعلم أن نفي الجسم والصورة عنه تقدست ذاته مما يقتضيه حكم العقل ، وقد استوفت البيان عنه كتب الكلام ، وأن النبي وأهل بيته عليهم السلام جميعا أجمعوا على هذا التنزيه إرشادا الى حكم العقل ، وما اكثر ما جاء عن سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم من البيان عن هذا التنزيه ، ومن التأويل لما جاء ظاهرا في التجسيم من التنزيل ، أمثال قوله تعالى : « على العرش

Shafi 171