ومستند هذا الاتهام أربعة أمور -كما يدل عليها كلام مَنْ رموه
بذلك- وهي:
الاتهام الأول: جرح الدَّارَقُطْنِيّ لبعض مَنْ ليس على مذهبه في الأصول أو في الفروع فظنَّوه تَعَصَّبَ ضدّهم، وكذا كلامه على الأحاديث تقوية وتضعيفًا فقد كان سببًا لكلامهم فيه.
الاتهام الثاني: اختلاف الدَّارَقُطْنِيّ في باب الاعتقاد مع من تكلموا فيه.
الاتهام الثالث: اختلاف عبارات الدَّارَقُطْنِيّ في الرواة جرحًا وتعديلًا.
الاتهام الرابع: الظن به، لأنه تكلم بغير مُراد من طَعنوا فيه
وفيما يلي الجواب عن ذلك:
الجواب عن الاتهام الأول:
أ - أما كلام الدَّارَقُطْنِيّ في بعض الرواة الذين ليسوا على مذهبه "مذهب الإمام الشافعي ﵀" أو في بعض الرواة الذين يختلفون مع الدَّارَقُطْنِيّ في بعض تفصيلات أصول الاعتقاد بالجرح فهو أمر طبيعي، لما يأتي:
١- لأنه -حسب أصول المحدثين- يلزم المحدِّثَ الإنصافُ في الكلام على الرواة، ولا يلزمه أن لا يجرح من يخالفه في المذهب، وإلا لَمَا احتجنا إلى قواعد الجرح والتعديل، ولَمَا كان للإنصاف في ذلك معنى.
ولم يزل أئمة الجرح والتعديل من الخَلَف والسلف يتكلمون -جرحًا وتعديلًا- في الرواة المخالفين لهم والموافقين، ويتناقلون أقوال بعضهم في ذلك على وجه التسليم والعمل بها والاحتجاج، لا على وجه الإنكار والردّ.
ولا يردّون من ذلك إلا ما قامت قرينة أو قرائن تحملهم على تركه.