222

Iliyadha

الإلياذة

Nau'ikan

يا من تسكن نائبا، حاكما على دودونا الشتوية، ويقطن حولك «السيلي» مفسرو علاماتك - ذوو الأقدام غير المغسولة - الذين ينامون فوق الأرض. لقد كنت في سابق الأزمان تستمع إلى كلامي حين كنت أدعوك، ولقد أكرمتني، فضربت جيش الآخيين بقوة. فحقق لي - الآن كذلك - رغبتي هذه، ولسوف أبقى أنا نفسي في حشد السفن، بينما أرسل زميلي مع جيش «المورميدون» ليحارب، فلترسلن المجد معه، يا زوس - يا من يحمل صوته نائيا - واجعل القلب القائم في صدره جسورا، كي يعلم هكتور ما إذا كان خادمي ماهرا وحده في القتال، أم أن يديه لا تهيجان دون تردد إلا كلما خضت أنا في ساحة قتال أريس. وبعد أن يقصي الحرب وطنينها بعيدا عن السفن، ويغدو كل شيء سالما من العطب، فأعده إلى السفن السريعة بكل أسلحته، ورفاقه الذين يقاتلون في عراك متشابك.»

هكذا تكلم متوسلا، وسمعه زوس، المستشار، فمنحه جزءا مما طلب وأبى عليه الجزء الآخر؛ وافق على أن يدفع باتروكلوس الحرب والقتال بعيدا عن السفن، أما عودته سالما من المعركة فقد أباها.

وبعد أن سكب «أخيل» السكيبة وصلى للأب زوس، ذهب ثانية إلى خيمته، وأعاد الكأس ثانية إلى الصندوق ، وأقبل فورا يقف أمام الكوخ؛ لأن قلبه كان لا يزال تواقا إلى مشاهدة الصراع الفتاك بين الطرواديين والآخيين.

أما أولئك الذين اصطفوا مع باتروكلوس العظيم النفس ، فظلوا يسيرون حتى انقضوا على الطرواديين بأرواح عالية. وفي الحال تدفقوا كأنهم زنابير الطريق التي يتوق الصبيان إلى إثارة غضبها، وتعذيبها في عشاشها بجانب الطريق، فيا لهم من حمقى، وكم من شر عام يسببونه للكثيرين! ذلك أن الزنابير - إذا تصادف أن مر عليها راحل ما، فأثارها عن غير قصد - تنطلق كلها طائرة بكل ما في قلبها من جرأة وتقاتل كل منها دفاعا عن صغارها، هكذا تدفق «المورميدون» من السفن بجرأة وشجاعة، فارتفعت صيحة لا تخمد، ولكن باتروكلوس نادى على رفاقه بصرخة عالية، قائلا: «أيها المورميدون، زملاء أخيل بن بيليوس، كونوا رجالا يا أصدقائي وتذكروا جرأتكم الثائرة، نستطيع أن نكسب المجد لابن بيليوس - خير الأرجوسيين - الذي يقوم بجانب السفن، ومعه أعوانه الخبيرون بالنزال، وكي يدرك أجاممنون الواسع الملك - ابن أتريوس - عمى قلبه، إذ إنه لم يحترم قط خير الآخيين.»

وما إن قال هذا حتى أثار قوة الرجال جميعا وحميتهم فانقضوا على الطرواديين في حشد واحد، فرددت السفن حولهم صيحة الآخيين بدرجة عجيبة. على أن الطرواديين لم يكادوا يبصرون ابن مينويتيوس الجسور نفسه، وخادمه، يتألقان في حلتيهما الحربيتين، حتى اضطرب قلب كل رجل، وارتجفت كتائبهم إذ حسبت أن ابن بيليوس السريع القدمين قد نزل عن غضبه - وهو بجانب السفن - وعاد إلى الوئام. وراح كل رجل يتلفت حوله ينشد سبيلا يمكنه من أن يهرب من الهلاك المحقق.

مغامرات باتروكلوس!

وإذ ذاك كان باتروكلوس هو أول من رمى برمحه البراق في الوسط مباشرة، حيث كان الرجال متكتلين بشدة بالقرب من مؤخرة سفينة بروتسيلاوس العظيم الهمة، فأصاب بورايخميس، الذي كان يقود البايونيين - سادة العربات - خارج أمودون، قادما بهم من أكسيوس الواسع الجريان. ولقد أصابه فوق كتفه اليمنى، فسقط إلى الوراء في التراب وهو يئن، ومن حوله دبت الفوضى بين رفاقه البايونيين، فقد بث باتروكلوس الفزع فيهم، بقتله قائدهم المبرز في القتال. وطردهم من داخل السفن، وأطفأ النار المشتعلة. وبقيت السفينة هناك نصف محترقة، وقد جلا عنها الطرواديون في فوضى، محدثين طنينا عجيبا. وتدفق الدانيون وسط السفن الجوفاء، فتصاعد صخب لا يكف. وكما يحدث عندما يسوق زوس - الذي يجمع البروق من الذؤابة العالية لجبل شامخ - سحابة كثيفة، بعيدا، فتتجلى للعيان - في الحال - جميع قمم الجبال والربى العالية والوهاد، ومن السماء ينطلق الهواء اللانهائي، هكذا أيضا تمتع الدانيون، عندما أبعدوا النار النهمة عن السفن، وحظوا براحة وجيزة. ومع ذلك، فلم يكن هناك أي توقف عن القتال؛ إذ لم يكن الطرواديون قد أجلوا نهائيا، عن السفن السوداء، على أيدي الآخيين أحباء زوس. بل إنهم ظلوا يحاولون مقاومتهم، ويتقهقرون عن السفن بالقوة.

وأخذ الرؤساء - بعد ذلك - يقتلون بعضهم بعضا، بمجرد أن انتشر المحاربون في ساحة الوغى. فأولا: أصاب ابن مينويتيوس الجسور فخذ أرايلوكوس برمية من رمحه الحاد، في الوقت الذي استدار فيه ليهرب. وانغرس البرونز عميقا، فحطم الرمح العظم، وانكفأ على وجهه فوق الأرض، وطعن مينيلاوس الباسل فأصاب ثواس

12

في صدره - الذي كان عاريا عند حافة الدرع - وأرخى أطرافه. وبينما كان ابن فوليوس يراقب أمفيكلوس - وهو ينقض عليه - أثبت أنه أسرع من غريمه، فضربه فوق قاعدة ساقه، حيث تبلغ العضلة أقصى سمكها، وتمزقت الأوتار العضلية حول طرف الرمح، وخيمت الظلمة على عينيه. ثم جاء أنتيلوخوس - أحد أولاد نسطور - وطعن أتومنيوس برمحه الحاد، دافعا الرمح البرونزي خلال جنبه، فسقط إلى الأمام. لكن ماريس - الذي كان قريبا - هجم برمحه على أنتيلوخوس، غضبا لمقتل شقيقه. واتخذ وقفته أمام الميت، بيد أن ثراسوميديس - شبيه الإله - كان أسرع منه كثيرا. وفي الحال ضربه فوق كتفه - قبل أن يتمكن من الطعن - فلم يخطئه، ومزق طرف الرمح قاعدة الذراع، بعيدا عن العضلات، وفصل العظم وحطمه، فسقط مرتطما بالأرض، وخيمت الظلمة على عينيه. ولما هزم هذان الاثنان - بأيدي شقيقين - انطلقا في طريقهما إلى أيريبوس،

Shafi da ba'a sani ba