مقدمة
هوميروس
هوميروس.
اسمه ولقبه
اختلف المؤرخون في اسم صاحب الإلياذة، ولكنهم متفقون على أن «هوميروس» لقب لقب به لأمر جلل تخلل حياته فعرف به، وأهمل اسمه على نحو ما اتفق لكثيرين من شعرائنا الذين غلبت ألقابهم وكناهم على أسمائهم كطرفة بن العبد، والشماخ، والنابغة والفرزدق والأخطل والمتنبي وأبي العلاء، وللكتاب أقوال مختلفة في ذلك اللقب نظير ما لكتابنا من المذاهب المتضاربة في أصل تلك الألقاب والكنى؛ ولهذا حاموا حول اللفظة اليونانية وجعلوا يستنبطون من معانيها ما شاءوا، فوضعوا لكل معنى يستخرج منها حديثا مما يمكن وقوعه لشاعرنا، فمن قائل أنه لما كانت كلمة هوميروس (ομηροζ)
بمعنى الرهينة غلب عليه هذا اللقب لوقوعه أسيرا في حرب فكان من جملة الرهائن، على أن الذاهبين هذا المذهب ليسوا على بينة من تلك الحرب، فمنهم من يجعلها بين أزمير وساقس، وهو مذهب بروكلوس وعنده أن الشاعر اعتقل في ساقس، ومنهم من يقول بل أخذ إلى كولوفون، وقال آخرون: «بل وقع أسيرا في قبضة الفرس»، ومن قائل: «إن اللفظة منحوتة من كلمتي (ομωζ ςρειν)
ومعناهما «المتكلم في المجلس» أي: الخطيب أو المشير وهو قول سويداس، وكل ما يستخرج من هذا النحت يصح أن يتفق لصاحبنا، ومن قائل أنها مشتقة من لفظة (ομηρειν)
بمعنى التابع أو اللاحق أخذا من قول فلوطرخوس أنه لحق بالليديين من مدينة أزمير، وهناك أقوال أخرى أجدرها بالذكر قول هيرودوتس وإيفوروس: «أن اللفظة مركبة من ثلاث كلمات» (ο μη ορων)
بمعنى الكفيف البصر، وهو تخريج حسن يصح التعويل عليه؛ لأنه لم يثبت في الأثر شيء مما يؤيد الأقوال السابقة ولكنه ثابت أن بصره كف وهو لم يكد يتجاوز سن الشباب، وقد أشار إلى ذلك في أبيات من منظومته «الأوذيسية». وفي معجم ألكسندر «أن لفظة هوميروس مفردة كان يراد بها «الأعمى» في مدينة كومة وبها لقب الشاعر».
وأما اسمه فأشهر ما قيل فيه أنه كان ميونيذس أي: ابن ميون؛ لأن ميون ملك ليديا تزوج أمه كريثيس، والطفل على يدها فدعاه باسمه وهو يعتقد أن أبا ذلك الطفل من الجن، وقيل: «بل كان والد هوميروس داماسوغوراس ووالدته أثرا ومسقط رأسه مصر». وقيل: «بل كان اسم هوميروس ميليسا جينيس» وهي رواية هيرودوتس، وعليها المعول كما سيجيء.
Shafi da ba'a sani ba