بحر أصابوا بتسميته الخبب تشبيها له بخبب الخيل، فهو لا يصلح إلا لنكتة أو نغمة أو ما أشبه وصف زحف جيش أو وقع مطر أو سلاح، وهو قليل في الشعر القديم والحديث.
والرجز
ويسمونه حمار الشعر بحر كان أولى بهم أن يسموه عالم الشعر؛ لأنه لسهولة نظمه وقع عليه اختيار جميع العلماء الذين نظموا المتون العلمية كالنحو والفقه والمنطق والطب، فهو أسهل البحور في النظم ولكنه يقصر عنها جميعا في إيقاظ الشعائر، وإثارة العواطف، فيجود في وصف الوقائع البسيطة، وإيراد الأمثال والحكم.
تلك هي الأبحر العشرة التي نظمت عليها الإلياذة، فقد ترى النشيد كله بحرا واحدا، وقصيدة واحدة، وقد تتعدد فيه الأبحر والقصائد على مقتضى ما تراءى لي من سياق الكلام.
وأما الأبحر الستة الباقية وهي
المضارع والمقتضب، والمجتث، والهزج، والمديد، والمنسرح
فالأربعة الأولى منها لا تصلح لقصرها لمثل الإلياذة، ولا يجود نظمها في ما خلا الأناشيد والتواشيح الخفيفة، والمديد قل من ينظم عليه وهو ثقيل على السمع، والمنسرح لم يتفق لي نظمه في الإلياذة لغير سبب مقصود.
القوافي
القوافي والأوزان اليونانية والإفرنجية
إذا سمع العربي لفظة «شعر» علم فورا أن المراد به بالنظر إلى اللفظ الكلام المقفى الموزون، ورسخت في ذهنه القافية رسوخ الوزن، وليس الأمر على هذا الإطلاق في سائر اللغات إذ ليس في اليونانية ولغات الإفرنج أبحر وتفاعيل، فإنما هذه من خصائص لغة العرب، ومن حذا حذوهم من أبناء الشرق كالسريان، والفرس، والترك، وأما بنو الغرب، فلهم أقيسة وأوزان خاصة بهم، فالقياس عبارة عن عد الأجزاء أو المقاطع التي يتألف منها الشطر أو البيت، والغالب فيها أن تكون اثني عشر مقطعا، وهو ما يسمونه بالإسكندري نسبة إلى إسكندر دوبرناي، وهو أشبه شيء برجز العرب، وهذا القياس البسيط يقوم عند الإفرنج مقام جميع أبحر الشعر وتفاعليه عند العرب، وأما الإلياذة وما جرى مجراها من الشعر اليوناني ففيه الوزن تزيد أجزاؤه وتنقص بحسب التفاعيل، فهناك أسباب خفيفة وثقيلة تتألف منها أوتاد مجموعة ومفروقة تقوم مقام التفاعيل العربية، والأساس في كل ذلك طول المقطع أو قصره، وكون حرف العلة القائم مقام الحركة في العربية ممدودا أو غير ممدود، وبعبارة أخرى يراعى في المقام الأول موضع النبرة من اللفظة.
Shafi da ba'a sani ba