وتينيذس البلدة المقدسة الموالية لآفلون، وهي كذلك في غير موضع.
وإن المجال ليضيق عن أمثلة ما تقدم، فإنها تفوق الحصر، وقد توخينا في الأمثلة الثلاثة السالفة الذكر بلادا قليلة الشهرة، فإذا كانت وحدة المرمى فيها هذه فما بالك بالمدن الشهيرة كإليون.
وقل مثل ذلك في البحار والأنهار كالأوقيانس، وزنثس، والإسكندر، وكل ما في الإلياذة من يبس وماء.
وإذا أردت إجمالا سهلا لهذا التفصيل، فخذ القسم الجغرافي في النشيد الثاني، واقتطع منه أية مملكة شئت من ممالكهم وأسماء زعمائها، ثم تصفح المعجم، فإذا رأيت تلك الأسماء قد تكرر ذكر شيء منها فإنما يتكرر بما لا يشذ عما مر أمامك هذا إذا لم ينطبق عليه كل الانطباق، ولو فصلت بين الموقعين الأناشيد الطوال.
ارتباط أجزائها
ثم إذا تأملت تماسك أجزاء الإلياذة وارتباطها بعضها ببعض رأيت أن ناظم النشيد الأول إنما هو ناظم النشيد الأخير، فكأنما هي مرقاة يصعد بك صاحبها درجة بعد أخرى حتى تستقر في آخرها وأنت متبين كل ما وراءك، فإذا بدأت بخصام آخيل وأغاممنون تطلعت إلى ما وراء ذلك الخصام، فيبسطه لك الشاعر بسطا يزيد إيضاحا كلما خطوت خطوة. فهناك جدال وخشية قتال، وحنق واعتزال، ووساطة رجال، وينتهي الأمر بما ترتاح إليه نفسك شأن القصاص الذي يروي لك خبرا واحدا بنفس واحد.
وإذ أمعنت في تواد آخيل وفطرقل بدا لك من خلال الفصول الكبار صديقان حميمان يتوادان؛ فيترافقان، فيغضب أحدهما لغضب الآخر فيتواليان في السراء والضراء، وإذا مات أحدهما فلا تنقضي أحزان الآخر حتى انقضاء حياته، وكل ذلك بحديث طويل تتخلله أحاديث أطول تكاد تشط بقائل واحد عن تلك الخطة المرسومة، فما الظن لو تعدد القائلون.
وقس على ذلك جميع حوادث الإلياذة.
وإذا رجعت بعد هذا إلى أعظم مظنة لاعتراض المعترضين وهي إلصاق النشيدين الأخيرين بالإلياذة رأيت أنهم إنما أتوا بأوهن الحجج كما أثبتنا مسهبين في مقدمة النشيد الثالث والعشرين فلا نسوق البحث هنا إلا في ما لم يسبق لنا ذكره في ذلك الموضع.
خذ الألعاب في ذلك النشيد وانظر إلى أرباب كل ضرب من ضروبها تر أنها لم تلصق بالإلياذة إلا لكونها جزءا طبيعيا منها، وإن المتبارزين فيها لم يكن يصح سواهم لوقوف كل منهم موقفه.
Shafi da ba'a sani ba