فكأن البخل لم يكن
وأما شعراء اللاتين والإفرنج فلم يحاذروا مثل هذه المحاذرة في نقل أمثال هذه المعاني، ولا سيما بالنظر إلى الإلياذة، فإنهم أغاروا عليها غارة شعواء فطوقوا بمعانيها أجياد منظوماتهم من الملاحم إلى التمثيليات إلى القصائد، فنقلوا ونسخوا ومسخوا، وسلخوا واقتبسوا وعارضوا، وضمنوا وتصرفوا وهم في الغالب لا يضمرون السرقة بل يفاخرون أن يعلم أنهم تحدوا هوميروس حتى لو نظرت إلى تلك المنظومات لرأيت المعاني الهوميرية مزدحمة فيها بتصرف أو بغير تصرف ، ولا سيما مما أبعد فيه هوميروس ببصره، فاستنبطه بالتصور من المماثلات البديعة أو استخرجه بالتشبيه من مكنونات الطبيعة كقوله في مثل معنى امرئ القيس بوصف جواده:
وهب الطراود والتصقوا
وفي الصدر هكطور مندفق
كجلمود صخر قد انتزعا
من الشم سيل به اندفعا
له الغاب مرتجة ترتجف
إلى القعر حيث بعنف يقف
فنقله فرجيليوس إلى «إنياذته» اللاتينية فقال (ن12).
As veluti montis saxum de vertice praeceps
Shafi da ba'a sani ba