175

جسمين تجمعني يوما وتجمعه

وإن تغل أحدا منا منيته

لا بد في غده الثاني سيتبعه

وإن يدم أبدا هذا الفراق لنا

فما الذي بقضاء الله نصنعه

وإن المقام ليضيق عن الاستزادة من هذه النفائس، فإن ما أوردناه منها ليس إلا ذرة من درة.

نظرة في شعر المولدين

لم يكن لفريق من الناس أن يدعي الكمال حتى الشعراء، والمولدون مع بلوغهم من البلاغة، وإحكام الصنعة أقصى الدرجات فإنهم يؤاخذون، ولا سيما المتأخرين منهم على مغامز ترجع إلى خلال أربع:

الخلة الأولى:

اقتضاب الوصف الشعري فلا تبرز الحقيقة جلية على فطرتها في كثير من شعرهم، ويستثنى من ذلك الحكم والأمثال، وكذلك الأبحاث العلمية التي ليست من لباب الشعر، ويندر أن شاعرا يعمد إلى وصف فيستتمه ويرسمه رسما جليا كاملا كما رأيت في أسد بشر، وثور عبدة، فترى الأفكار متزاحمة والمعاني متلازة في منظوماتهم، فتختل اللحمة بينها، وتأتي متراكمة، فيفوت السامع شيء كثير مما تصوروه وقصروا في تصويره، فهم بهذا الاعتبار قد عدلوا عن منزع الفطرة، وأبعدوا عن البداهة الجاهلية، وتحولت معهم المقاصد الشعرية إذ بات مرماهم فيها جر المغانم، ودفع المغارم.

Shafi da ba'a sani ba