مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
تلك كانت على الجملة منازعهم في شعرهم، وذلك هو نتاج قرائح الجاهلية، وأنت ترى أن أصحاب تلك القرائح لم يكونوا أبناء جاهلية جهلاء من الجهل بل ما أحراهم أن يكون أطلق عليهم ذلك لشيوع عبادة الأوثان بينهم، ولعل هذا هو المراد بما جاء في سورة المائدة:
أفحكم الجاهلية يبغون
إذ قالوا في تفسيرها الملة الجاهلية.
وقد أوردنا من قولهم فضلا عما تقدم أمثلة شتى من مرادفات أقوال هوميروس في شرح الإلياذة.
ومدة هذا الطور الشعري زهاء مئة وخمسين عاما، ومن صفوة فحوله امرؤ القيس وطرفة بن العبد، والحارثة بن حلزة، وعمرو بن كلثوم، وعنترة العبسي، وزهير بن أبي سلمى، ولبيد بن ربيعة وهؤلاء هم أصحاب المعلقات، والنابغة الذبياني، والمهلهل والأعشى الأسدي وعدي بن زيد ، وعبيد بن الأبرص، وبشر بن أبي خازم وأمية بن أبي الصلت والسموأل والشنفري ودريد بن الصمة.
ومزيته البساطة والبداهة، واقتفاء الفطرة، وتمثيل الحقيقة في رسم الطبيعة، فهو في جميع ذلك أعلى طبيعة من شعر المتأخرين من العرب، ولا يفوقه شيء من شعر المتقدمين من سائر الأمم حتى اليونان والرومان.
الطبقة الثانية
Shafi da ba'a sani ba