نصيحتي لك - استنتاجا من هذا الحادث - أن يمتلئ قلبك رحمة على العامل الفقير الذي يتعرض لهذه الأخطار، وعلى البائس المسكين الذي لا يجد قوت يومه، وعلى المريض المسكين الذي لا يجد صحته، وعلى الجندي المسكين الذي يضحي بحياته في ميادين القتال.
أي بني!
بل إني لأرجو أن تتسع رحمتك فترثي للمجرم الذي وقع في إجرامه، وللغني الذي يبتز أموال الناس ... بل وللعاهرة التي اضطرتها حاجتها إلى أن تبيع جسمها، ولرجال السياسة الذين قست قلوبهم فدفعوا بالملايين من الناس إلى مجزرة القتال! فكل إنسان في الوجود - فقيرا أو غنيا - يستحق الرحمة إذا اتسع أفقك وبعد نظرك.
أي بني!
ارحم ترحم، وليس يضيع حادث اتخذته درسا وانتفعت به، وفقك الله وأصلح حالك، والسلام.
3
كتبت إلي تسألني عن عزمك ترك لندن، بعد حصولك على الدكتوراه، والسفر إلى سويسرا للتمرين العملي، فلا بأس من ذلك، وإن كنت أعتقد أن الوسط الإنجليزي خير من الوسط السويسري لسببين:
الأول أن الوسط الإنجليزي أجد، وأقل لهوا وعبثا.
والثاني أنك كنت تحضر الدكتوراه، وكنت مشغولا برسالتك عن اللهو والعبث، فإذا أنت ذهبت إلى سويسرا بعد الدكتوراه اتسع زمنك ووجدت ما يدعو إلى اللهو والعبث.
ومع ذلك فلا بأس من سفرك بشرط المحافظة على ضبط نفسك، واعتدال الميل إلى اللذائذ وخضوعه لحكم العقل، فكن سيد نفسك ولا تكن عبدا لشهواتك، وضبط النفس يتطلب منك ألا تسرف في الشراهة والدعارة والطمع والغضب والسخط والثرثرة والإدمان، وقاك الله شرها جميعا، ولست أريد أن تكون زاهدا فأمنعك عن كل متعة، وإنما أريد أن تكون معتدلا مقتصدا في اللذائذ، لا تفريط ولا إفراط، ولا دعارة ولا رهبانية، وأحذرك على الخصوص من أشياء ثلاثة، الخمر والنساء والقمار، فهي شر ما يبلى به الإنسان ويفسد عليه حياته، ويضعف روحانيته، ويقل من حريته، ويسوقه إلى أسوأ حال.
Shafi da ba'a sani ba