فكرت كثيرا في كل حياتي، فقررت ألا أستطيع العودة لعصام، فما فعله لم يكن هينا، وإن منحته فرصة أخرى فسأظل أراقبه وأتربص به، وسأحيل حياتنا لجحيم، لقد انكسر بداخلي حبي واحترامي له والأهم ثقتي به، وأية علاقة تفشل إن فقدت الثقة والاحترام. سأصر على الطلاق وأبدأ حياتي من جديد، حياة لا أمنح فيها كل حبي أو ثقتي لأحد، حياة أحب فيها ذاتي لأني أستحق ذلك، حياة لا أفني فيها نفسي في أحد ولا أضحي تماما من أجل أحد، سأكون فيها معتدلة في كل شيء حتى مشاعري، هذا إن بقيت لي مشاعر تجاه أحد.
في الصباح مر علي طبيب غير نادر، فطلبت منه أن يكتب لي الخروج لأن أمي مريضة ولن تحتمل غيابي أكثر من هذا، فوافق مع نصيحته بالمتابعة مع طبيب نفسي، وعند حدوث أية مضاعفات الاتصال به أو بدكتور نادر لأنهما المتابعان لحالتي، فوافقت وارتديت ملابسي وعندما حضر سليم وأمي فوجئا بي أستعد للخروج فاحتضنتني أمي وقالت: البيت كان وحش من غيرك. - ماتخافيش يا حاجة، راجعة لك نناكف في بعض.
فقال سليم ضاحكا: ربنا يستر.
خرجنا معا واستقبلتني سلوى في بيتنا بكل حب وود، شعرت بالدفء والأمان وأنا في بيتي بين أسرتي. بعد عودتي بيومين اتصل بي أبي وبعد الاطمئنان علي وعلى صحتي سألني: عصام جالي وبيعتذر وبيطلب فرصة تانية، يا ترى إيه رأيك؟ - ما أقدرش أرجع له تاني من فضلك يا بابا، أنا مصممة على الطلاق، وتكون طلقة بائنة عشان مايردنيش تاني لعصمته، دي صفحة من حياتي محتاجة أطويها. - هاعملك اللي انتي عايزاه، وهاحاول أصلح كل حاجة بيني وبينك وبين أخواتك، وأرجوكي يا بنتي سامحيني، وحاولي انتي وسليم وسلوى تقربوا من أخواتكم وتكونوا سندا لهم بعد موتي. - بعيد الشر عنك يا بابا. - الموت حقيقة، توعديني؟ - أوعدك يا بابا.
بعد أسبوع حصلت على الطلاق وطويت قصة حب خادعة؛ فهو كان يبحث عن فتاة خام لم تعرف غيره، وأنا كنت أبحث عن قصة حب تغير حياتي، فكانت النتيجة الطبيعية الفشل لتلك القصة التي يبحث فيها كل طرف عما يسعده ولا يفكر في سعادة الآخر.
كانت أول مرة أخرج فيها من البيت ذهبت فيها للمستشفى، حيث حملت بعض الهدايا للممرضات اللاتي اعتنين بي وشكرتهن على تعبهن معي، فقالت لي إحداهن: دكتور نادر هنا مش عايزة تسلمي عليه؟ - طبعا عايزة.
طرقت باب غرفته، ولما أذن لي دخلت وأنا أتعثر في خجلي، فنظر لي بلا مبالاة وقال ببرود: أهلا مدام نهلة، خير بتشتكي من حاجة؟ - لا، الحمد لله أنا كويسة، بس كنت جاية أشكر الممرضات، ولما عرفت إنك هنا جيت أشكرك. - دا واجبي وشغلي اللي باخد عليه مرتبي، أنا ما عملتش حاجة مخصوص.
جفاء كلماته زاد من ارتباكي، فقلت: عموما أنا متشكرة وآسفة إن كنت عطلتك، عن إذنك. - استني ... فيه حاجة بتاعتك معايا.
قام وفتح حقيبته وأخرج منها بعض الأوراق التي أدركت أنها رسالة والدي، فاحمرت وجنتاي وقلت بغضب: مش ملاحظ إنك متطفل زيادة عن اللازم! الأول تقرأ الكلام اللي وجهته لوالدي وتعرف عني كل خصوصياتي من غير إذني، وبعد كده تسمح لنفسك تحتفظ برسالة بابا، وأكيد قريتها برضه من غير إذن. - أولا مذكراتك كانت مرمية جنبك متلطخة بدمك، وبعدما عالجتك كان لازم أفهم إيه اللي خلاكي تعملي كده عشان أقدر أساعدك، وفعلا لما قريتها لقيت إن والدك لازم يقراها، والرسالة التانية لقيتها واحدة من الممرضات تحت مخدتك واديتهالي لأني عارف رقم أخوكي وعلى تواصل معاه، وأنا أصلا نسيتها وما افتكرتهاش غير لما شوفتك ومافتحتهاش، لأني مش فضولي، ولأن خصوصياتك ما تهمنيش.
ساد الصمت بيننا للحظات، وقطعه بقوله: طمنيني، صحتك عاملة إيه دلوقتي؟ - كويسة. - طيب ممكن تيجي أشوف النبض وأقيسلك الضغط. - لأ شكرا. - أنا شايف وشك أصفر، إنتي ما بتاكليش كويس ولا لسه زعلانة على الجنين؟ - جنين إيه؟ - هو انتي ماتعرفيش إنك كنتي حامل، ولما وقعتي حصلك نزيف وإجهاض؟
Shafi da ba'a sani ba