فطاعنت في أولاهم حين أقبلوا ... وثنّيت بالمأثور حيث تكرروا
وأوجرت إسوارًا من الفرس طعنة ... فشُوشًا لها جار من الجوف أحمر
رجاء ثواب الله لا ربّ غيرهوناصر دين الله بالغيب يُنصرُ وولد سيف بن الحارث معاوية بن سيف والنصر بن سيف ومحمد بن سيف، فأولد معاوية سيارًا فأولد سيار جبرًا وقيسًا وهو الراعي. وكان فارس همدان في عصره. وكان بعض ملوك حمير قد حمى خمىً فلم يكن يتنفس فيه مال فأجدب قيس فحلّ فيه ورعاه، فبلغ الملك ذلك فبعث إليه جندًا من حمير فطردهم وفلّهم فانهزموا عنه، وفي ذلك يقول:
رعيت حمى الملك المتقى ... فرمت بذلك أمرًا كبيرا
فأسمن مناالفتى مهره ... وأبطن ذو المال منا البعيرا
فوجه في طلبي حميرًا ... فولوا غداة التقينا الظهورا
وقالوا: دعوا الكلب يرعى به ... فقلت: اجعلوا الكلب كلبًا عقورا
فولد الراعي آل همدان وآل إدريس وآل الفرج بمسورة.
وآل عبد الله بن القيس بن الحارث بن الراعي بالكوفة. وكان عبد الله من أصحاب علي ﵇ وكان تياهًا، ثم أتى عليًا جوز من الجبل فقسمه في الناس، وبعث إلى مرهبة منه بغرائر، فأوصلت لعبد الله بن قيس، فدعا بأمير صبيان الحي فقال: أقسم هذه الغرائر في صبيانك. وركب فلحق بمعاوية فأوجهه.
وأولد جبر سيارًا، فولد سيار جبرًا، فولد جبر عبد الله، وكان اسمه عبد الكعبة، فوفد على عمر فسماه عبد الله، ونفر إلى العراق فمات ببطن الرمة. فأولد عبد الله أبا خيثمة وكان من فرسان العرب ووجوهها وأشرافها، وكان هاجر مع أبيه إلى عمر، وكانت له من معاوية منزلة، فجاشت الخزر في زمن معاوية وخرجوا في خلق عظيم، فانتدب أبو خيثمة وعدة من الأشراف في حربهم، فصير معاوية كل من انتدب إليه على خيل عظيمة وقواهم بالخيل والسلاح والمصلحة، فلقوا الخزر، وكانت بينهم وقعة عظيمة، وانحاز المسلمون إلى معسكرهم، فقال أبو خيثمة للناس: ويحكم إلى أين ترجعون؟ والله لا يرجع اليوم منكم إلى رحله إلا شقيّ. ثم تقدم فقاتل حتى قتل ﵀ فقالت فيه امرأة من مرهبة:
أتاني نعيّك بعد العشاء ... فبتّ المدلهة المؤلمه
وكان أبو خيثم لليتيم ... فضاع يتعيم أبي خيثمه
وكم طارق لك في ليلة ... خماسية قرّة مظلمه
فأنحيت في منحر شفرة ... وحادت يداك عن الزردمه
فبات يكبب مما يريد ... ويأكل من جونة مفعمه
فجعنا بفقدك يا ابن الكرا ... م كما بأبيك ببطن الرمه
فجعنا وكان لنا سيدًا ... يرب الصنيعة والكرمه
فنعم الفتى كنت تحت السيوف ... إذا فرّت العصبة المعلمه
ونعم المعين على ما ينو ... ب ونعم المجاور للمسلمه
وكان لأبي خيثمة يوم القادسية بلاء واجتهاد.
فولد أبو خيثمة العياش، وكان من خصائص عبد الملك بن مروان وصنائعه، وكان من صنائعه أربعون منهم خمسة من همدان: عياش بن أبي خيثمة بن عبد الله، وأبو حفص الشاكوي، وابن الزبرقان بن أظلم اللعوي، ومعيوف الحجوري، وابن أبي عشن الخيواني، ولم يشهد يوم مرج راهط من يمانية العراق إلا عياش بن أبي خيثمة بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد أبو خالد القسري. وحضر العياش باب عبد الملك وحوله جماعة من عبيده وقوم بالقرب منه فذكروا رجلًا فقالوا: نعرفه دميمًا بخيلًا جبانًا. فسمع عياش قولهم فقال لهم: وإن هذه الخصال التي ذكرتم لفي رجل؟! قالوا: نعم. قال: الحمد لله الذي لم يجعل فيّ خصلة من هذه، وهؤلاء يعني عبيده الذين كانوا حوله أحرار لوجه الله شكرًا له على ذلك.
1 / 31