اخْتِلَافُ الْفقَهَاءِ لِلْمَرْوَزِيِّ
تَأْلِيْف
الْإِمَام أَبِيْ عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرالْمَرْوَزِيّ
وُلِدَ سَنَةَ ٢٠٢هـ وتُوُفِّيَ سَنَةَ ٢٩٤هـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
دِرَاسَة وَتَحْقِيق
الدُّكْتُوْر مُحَمَّد طَاهِر حَكِيْم
الأستاذ المساعد بجامعة الْإِمَام مُحَمَّد بْن سعود الإسلامية
الطبعة الأولى الكاملة
١٤٢٠هـ =٢٠٠٠م
أضواء السلف-الرياض
وقد ذكر ابْن عساكر (في تاريخ دمشق لابن عساكر٣٧/١٩٣-١٩٤) في ترجمة عبد المنعم بن محمد الكندي الصائغ (الترجمة:٤٢٩٢) ما يفيد أن أبا محمد ابْن الأشعث اقتنى كتاب المروزي في اختلاف الفقهاء وذلك أَنَّهُ رأى عنده كتاب اختلاف العلمَاء للمروزي كُلّ ورقة منه مصلب بالحبر من الناحيتين. فقال: ما شأن هَذَا الْكِتَاب؟ فقال: هَذَا كَانَ لأبي محمد ابْن الأشعث فلما اتصل عمد إِلَى كتبه فصلبها وباعها.
وقد ذكر ابْن عساكر (في تاريخ دمشق لابن عساكر٣٧/١٩٣-١٩٤) في ترجمة عبد المنعم بن محمد الكندي الصائغ (الترجمة:٤٢٩٢) ما يفيد أن أبا محمد ابْن الأشعث اقتنى كتاب المروزي في اختلاف الفقهاء وذلك أَنَّهُ رأى عنده كتاب اختلاف العلمَاء للمروزي كُلّ ورقة منه مصلب بالحبر من الناحيتين. فقال: ما شأن هَذَا الْكِتَاب؟ فقال: هَذَا كَانَ لأبي محمد ابْن الأشعث فلما اتصل عمد إِلَى كتبه فصلبها وباعها.
Shafi da ba'a sani ba
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَبِاللهِ التَّوْفِيْق
أَبْوَابُ الطَّهَارَةِ
بَاب الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق
[الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فِي الطَّهَارَتَيْنِ]
حَدَّثَنَا أَبُوالْفَضْل صَالِح بْن مُحَمَّد بْن شَاذَان الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: حَدَّثَنِيْ إِبْرَاهِيْم بْن محمود النَّيْسَابُوْرِيّ قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بْن نصر المروزي قَالَ: [١/أ]
١- أما الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فإن أَهْل العلم اخْتَلَفُوْا فِي تاركها
فقَالَ سُفْيَان الثوري
1 / 97
والْكُوْفِيُّوْنَ: إِذَا تركهما فِي الْوُضُوْء فلا شَيْء عَلَيْهِ وإِذَاتركهما فِي الجنابة ناسيا أَوْ متعمدا حَتَّى يُصَلِّي مضمض واستنشق وأعاد الصَّلَاة.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ والشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عَلَى تاركهما فِي الجنابة
والْوُضُوْء ولا يوجبوها فِي وضوء ولا غسل
وَقَالَ طَائِفَة أُخْرَى من أَهْل العلم: الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق واجبان فِي الْوُضُوْء والغسل من الجنابة جميعا وَعَلَى من تركهما الإعادة.
يروى هَذَا الْقَوْل عَن عَطَاء بْن أبي رباح وحماد بْن أبي سليمان وابن جريج وكَانَ ابْن الْمُبَارَك
1 / 98
وإِسْحَاق يذهبان إليه
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: الِاسْتِنْشَاق واجب فِي الْوُضُوْء والغسل جميعا والْمَضْمَضَة لَيْسَت بواجبة فِي واحد منهما.
وممن قَالَ ذَلِكَ: أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ وطَائِفَة من أَصْحَاب الْحَدِيْث؛ لِحَدِيْثِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الِاسْتِنْشَاق قَالَ: إِذَاتوضأت فانتثر.
وَقَالَ: من توضأ فلينتثر "
1 / 99
ولم يثبت عنه أمر بالْمَضْمَضَة فلذَلِكَ أوجبوا الِاسْتِنْشَاق ولم يوجبوا الْمَضْمَضَة.
[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوْءِ]
[الْوُضُوْء من لحم الإبل]
٢-قَالَ سُفْيَان: ولا وضوء من طعام ولا شراب لبنا كَانَ أَوْ غيره ولا من طعام مسته النار من لحم جزور أَوْ بقرة أَوْ شاة.
وهكَذَا قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ من أَصْحَاب الْحَدِيْث: لَا يتوضأ من شَيْء مسته النار أَوْ لم تمسه من طعام ولا شراب إِلَّا من لحم الجزور وممن
1 / 100
قَالَ ذَلِكَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ وغيرهم من أَصْحَاب الْحَدِيْث ذهبوا إِلَى حَدِيْث البراء وجابر بْن سمرة
1 / 101
بَاب بول ما أكل لحمه [وسؤره]
٣-قَالَ سُفْيَان: لَا بَأْسَ ببول ما أكل لحمه وسؤره
أما سؤر ما أكل لحمه فلا اختلاف فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ به
وأما بوله فقد اخْتَلَفُوْا فيه
فقَالَ طَائِفَة من أَهْل الْحَدِيْث مثل قَوْل سُفْيَان [٢/أ] واحتجوا بحَدِيْث أَنَس بْن مَالك فِي قصة أمر النَّبِيّ ﷺ أن يخرجوا فِي إبله فيشربوا من أَبُوْالها وألبانها وكَانَ إِسْحَاق يذهب إِلَى ذَلِكَ.
1 / 102
وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: لَا يشرب بول الإبل وغير الإبل مما يؤكل لحمه إِلَّا عِنْدَ الضرورة.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُوْ ثَوْرٍ وذهبوا إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إنما أذن ذَلِكَ للمرض الذي كَانَ بهم.
[الْوُضُوْء بسؤر البغل والحمار]
٤-قَالَ سُفْيَان: إِذَا لم يجد مَاء إِلَّا سؤر البغل والحمار وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن يتوضأ بِهِ ثُمَّ يتيمم فأكون قد استوثقت.
وَقَالَ
1 / 103
أَهْل الْمَدِيْنَة منهم ربيعة ويحيى بْن سعيد وأَبُوْ الزناد: لَا بَأْسَ بسؤر البغل والحمار. وأما الشافعي وأصحابه فإنهم قالوا: لا بأس بسؤر البغل والحمار وجميع السباع إِلَّا الكلب والخنزير.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بسؤر السباع كلها ما خلا الكلب والخنزير مثل قَوْل الشَّافِعِيّ.
وقد أكره سؤر الحمار لحَدِيْث
1 / 104
ابن عُمَر أَنَّهُ كره سؤر الحمار.
في الصَّلَاة
[كتاب الصَّلَاة]
[بَابُ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ]
[في الجهر بآمين]
٥-قَالَ سُفْيَانُ: آمين يخفيها
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَعَامَّةُ أَصْحَاب الْحَدِيْث: يجهر الْإِمَام بآمين ومن خلفه.
1 / 105
[بَاب صفة الصَّلَاة]
[الأذكار فِي الرُّكُوْع والسجود]
٦-قَالَ سُفْيَانُ: إن لم تقل فِي ركوعك ولا سجودك سبحان ربي العظيم فقد أجزأك.
وكذلك [٢/ب] قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تركه عمدا أَوْ ناسيا أجزأه.
وكَانَ إِسْحَاق يقول: إِذَا تَرَكَ التسبيح والتكبيرات ناسيا والتَّشَهُّد ناسيا أجزأه وإن تَرَكَ من ذَلِكَ شيئا متعمدا لم تجزئه صلاته.
1 / 106
[تَرَكَ أحد التَّشَهُّدين عمدًا أو ناسيًا]
٧- وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا تَرَكَ التَّشَهُّد فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ عمدًا أو ناسيًا لم يعد الصَّلَاة.
1 / 107
وَإِنْ تَرَكَهُ فِيْ آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ.
1 / 108
[قِرَاءَة الفاتحة في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ]
٨- قَالَ سُفْيَانُ: وإن شئت فسبح فِي الْأُخْرَيَيْنِ من الصَّلَاة بَعْد فاتحة الْكِتَاب أي ذَلِكَ فعلت أجزأك.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يجزئه حَتَّى يقرأ فِي كُلّ ركعة فاتحة الْكِتَاب وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَصْحَابه.
1 / 109
[بَاب صَلَاة الوتر]
[موضع القنوت فِي الوتر]
٩- قَالَ سُفْيَانُ: يقنت قبل الركوع
وَقَالَ أَحْمَدُ: يقنت بَعْد الرُّكُوْع ويسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الوتر.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وإِسْحَاق فِي التسليم.
وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ فِي التسليم.
1 / 110
................
1 / 111
[وقت الوتر]
١٠- قَالَ سُفْيَانُ: إنه أوتر ما بَعْد طلوع الفجر فلَا بَأْسَ والليل أحب إليهم.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا نام عَن الوتر أَوْ نسيه فَإِنَّهُ يوتر ما لم يصل الْغَدَاة فَإِذَاصلى الْغَدَاة لم يوتر بَعْد ذَلِكَ.
وَقَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ: مَتَى ما ذكر أوتر.
بَاب الصَّلَاة خلف الصف وحده
١١- قَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاق: عَلَيْهِ أن يعيد الصَّلَاة
1 / 112
واحتجا بحَدِيْث وابصة بْن معبد.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: صلاته جائزة.
واحتج بحَدِيْث أَنَس: صليت خلف
النَّبِيّ ﷺ أَنَا ويتيم وأم سليم خلفنا"
1 / 113
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الرَّجُل والْمَرْأَة فِي ذَلِكَ سواء.
وفرق أَحْمَد وإِسْحَاق بين الرَّجُل والْمَرْأَة فقالا للمرأة أن تصلي خلف الصف وحدها لحَدِيْث أَنَس: ولَيْسَ الرَّجُل أن يُصَلِّي خلف الصف وحده. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاق.
[الْوُضُوْء من الْقَهْقَهَة في الصَّلَاة]
١٢- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قهقه الرَّجُل فِي الصلة أعاد الْوُضُوْء والصَّلَاة. كذَلِكَ قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وأَصْحَابه وأَحْمَد وإِسْحَاق: لَا وضوء فِي الضحك فِي الصَّلَاة ولا غيرها وعَلَيْهِ أن يعيد الصَّلَاة إِذَا ضحك فيها ولا يعيد الْوُضُوْء أثبتوا
1 / 114
حَدِيْث أبي العالية واحتجوا بحَدِيْث جابر وأبي موسى الأشعري أَنَّهُما لم يريا فِي الضحك فِي الصَّلَاة وضوءا.
1 / 115