فبهذا يتبين أنه لا دلالة لهم بعموم الآيات والأحاديث السابقة على أن الجهاد فرض عين على جميع المسلمين، بل إنه فرض كفاية، ولا يتعين إلا على من استنفر من إمام المسلمين.
ب - مناقشة أدلة القائلين بأن الجهاد مندوب إليه:
قولهم بأن الأمر في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ للندب والاستحباب وكذلك باقي الآيات الأخرى التي تأمر بالجهاد بدليل أن الأمر في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًَا الْوَصِيَّةُ﴾ للندب لا للوجوب.
يرد عليهم بأن كتب بمعنى فرض وأوجب، فلا تصرف إلى الندب والاستحباب إلا بدليل ولا يوجد دليل.
أما آية الوصية فقد كانت دالة على الوجوب قبل مشروعية المواريث ثم نسخت دلالتها على الوجوب بعد مشروعية المواريث.١
أما استدلالهم بحديث ابن عمر ﵄ فيقال لهم: "إن النبي ﷺ إنما اقتصر على ذكر الفروض الخمسة لأنه قصد إلى ذكر ما يلزم الإنسان في نفسه دون ما يكون منه فرضًا على الكفاية، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود وتعلم علوم الدين كلها فروض ولم يذكرها النبي ﷺ فيما بني عليه الإسلام، لأنه ﷺ إنما قصد إلى بيان ذكر
١ انظر: أحكام القرآن للجصاص ٣/١١٤.