فالحق أن كلان هؤلاء المحققين واقع موقعه الحقيق به أعني قوله أنه لا فرق بين النقص في العقل وبين القبح العقلي ولا ينبغي أن يكون صدوره منهم عن غفلة منه جميعهم عن محل النزاع بينهم وبين المعتزلة، بل ينبغي أن يكون بينهما تنبيها منهم على أ،ه قد وقع من الجمهور في ذلك التجويز لمحل النزاع حيف أو زيف، وأنه لا معنى لادخال الثواب والعقاب آجلا في ماهية المتنازع فيه، وأنهم نافون لأحكام العقول مطلقا أعم من صفة الكمال والنقص، وهكذا لا ينبغي لأهل العلم أن يزينوا علمهم بالانصاف ولو بطريق التنبيه والإشارة إلى الحق الذي يدل عليه العلم، فإنا نعلم ولكل عارف يعلم أن الأشاعرة نافون لأحكام العقول مطلقا، ولذا يتشبثون بقوله تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} وذلك إذا أورد عليهم ما يظهر للعقل فبحه صريحا، فإن...... في تجويزهم لمحل النزاع بينهم وبين المعتزلة فلا يغتر بذلك التجويز والتحريف إلا ذووا العقل السخيف وإلا فأي داع لجميع الأشاعرة إلى أن يتشبثوا في تصحيح الشرائع بالعادات والتجارب، ولم يتمكنوا من إثباتها بمحض العقل، ودعوى إثبات صقة الكمال والنقص بل قهقروا عن هذه الدعوى لعلهم ..... لو اثبتوا ذلك بمحض العقل دون العادات لناقضوا في ذلك ما أصلوه وبنوا عليه في نفي أحكام العقول رأسا وإبطال التحسين والتقبيح عقلا والعجب من غفلة سعد الدين عن هذا الواضح ولا عجب مما يقع لمن رام تستير الفضائح، وبهذا يظهر النقص في عقل من .......منهم في صحة الشرائع باستحالة صفة النقص في العقل ولذا لا يمكنهم القول باستحالة النقص في الذات بدون اعترافهم بما أنكروا من أحكام العقول، وإثبات التحسين والتقبيح العقليين، وإلا لأمكنهم أن يقولوا لا يلزمنا جواز بطلان الشرائع وكذبها في نفس الأمر؛ لأن ذلك يستلزم نقصان صفة الذات وهو الكذب في الكلام النفسي لكنهم لم يقولوا بذلك علما منهم بأنه لا يتأتى لهم إثبات منطلق النقص والكمال بدون إثبات الحكم العقلي والاعتراف بالحسن والقبح عقلا، وإنما رجعوا إلى التشبث بالعادات حذرا من إثبات ما نفوه من حكم العقل، ..... المناقضة الظاهرة.
Shafi 106