وأما رابعا: فلأن المعترض قال في تقسيره لمراد صاحب المواقف أي في الوجوب الشرعي: هذا تفسيره وهاذ خبط فاحش إذ ليس الكلام والخلاف إلا في الوجوب العقلي الذي ذهبت إليه العدلية لا في الشرعي المعلوم بمجرد الشرع فلا خلاف فيه، لا يقال أنه سماه شرعيا نظرا إلى مذهب الأشاعرة وإن كان عقليا بالنظر إلى مذهب العدلية؛ لأنا نقول: أما الأشاعرة ومن يحذوا حذوهم في نفي حكم العقل مطلقا فلا حاجة لهم إلى توصيف شيء من الأحاكم بأنه شرعي إذ لا شيء ولا واحد عندهم من الأحكام بعقلي، كيف ولا حكم عندهم سوى خطاب الشارع كما مر فلا وجه للتوصيف بالشرعي إلا عن من يجعل الأحكام عقلية وشرعية الكعتزلة وسائر العدلية.
وأما خامسا: فلأن قوله: لأن الواجب الشرعي يترتب عليه المدح عاجلا لا يصح أن يورد في معرض الرد لما ذهب إليه العدلية لأنهم لا ينازعون في أن الواجب الشرعي ما يترتب عليع المدح عاجلا والثواب آجلا ولا ضرهم الاعتراف بذلك أصلا كما لا يضرهم عدم إدراك العقل للثواب في الواجب الشرعي بل لا يضرهم عدم إدراك العقل له أي للواجب الشرعي نفسه وكما أنه لا يضرهم كذلك لا ينفع المعترض بل يضره؛ لأنه يدل بمقتضى مفهوم المخالفة أن العقل [129] يدرك الواجب العقلي ويدرك ما يترتب عليه.
Shafi 278