123

Ihtiras

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Nau'ikan

وأما الاحتمالات والتجويزات القوية التي هي قائمة عند العقل ومن أجمة ......فمحال أن أن يحصل الجزم بالنقيض مع قيامها عند العقل وهي مثل تجويز كذب المدعي للرسالة وتجويز إظهار المعجزة على يديه مع كونه كاذبا أو يجويز أن المعجزة ليست لتصديقه فإن هذه التجويزات والاحتمالات قائمة على مذهب الأشاعرة، بل ربما كانت راحجة على قولهم بأن عادة الله تعالى أصلا عبارة وأنه لا ظهر المعجز لأجل تصديق المدعي للرسالة إذ الغرض محال في حقه تعالى فحال الرازي خلط التجويزات بالمعنى الأول وهو معنى الحكم بالإمكان وعدم الاستحالة والتجويزات بالمعنى الثاني وهو معنى الاحتمال الذي ..... أخص من الإمكان، ولم يفرق بين التجويزات بل خلط التجويزات الضعيفات المضمحلة بالتجويزات والاحتمالات القوية القائمة عند العقل، فهذا منه غلط آخر أو مغالطة أخرى، وليس ذلك ... منه بل هو صنيعه في أمثال هذه المقامات الضضيقة على أن لا ينكر فضله وذكاه، بل نقول: أنه لا يخفاه فساد هذا االذي ذكره، ولو كان مرضيا عنده ما رجع إلى القول بأن إظهار المعجزة على يدي الكاذب عير مقدرو لله تعالى ما ذاك إلا لأنه في ظني علن أنه إذا كان إظهارها على يدي الكاذب مقدورا لله تعلى جاز ما ذكرناه من إظهارها على يدي الكاذب ..... بطلان الشرائع وكونها معكوسة في نفس الأمر، ومع هذا التجويز القائم على مذهب الأشاعرة يمتنع الجزم بصحة الشرائع كلها لجواز إنعكاسها من عند أول شخص يدعي الرسالة وهو ظاهر فلم يد أي الرازي بدا من القول بأن إظهار المعجزة على يدي الكاذب غير مقدور لله تعالى، وقد عرفت ما فيه فلا نعيده.

وأما قوله في المحصل: أن كل من اعترف من القرون الماضية بأن المعجزة الظهارة على يدي المدعي للرسالة من أفعال الله تعالى، وأنه تعالى هو المظهر لها على يديه اعترف بصدقه، فلا يدل على ما قاله، بل إنما يدل على أن القرون الماضية والأمم الفانية مطبقون على أن الله تعالى لا يضل عباده ولا يغويهم ولا يلبس عليهم فلا يظهر المعجزة على يدي كاذب، وهنا دليل على أن الأشاعرة ومن يحذو حذوهم مخالفون لاجماع العقلاء في تجويز القبائح على الله تعالى، وفي نفيهم للحسن والقبح عقلا فقد جاء الرازي بما هو حجة عليهم وكفى الله المؤمنين القتال.

ثم نقول: أن السعد التفتازاني قد صرح في شرح النسفية بأن قول الله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} حجة إقناعية، وبين هنالك كونها إقناعية بأن الملازمة عادية، وهذا يستلزم أن العادات لا تنتج إلا الإقناع والظن لا الجزم والقطع كما ادعوه هنا، فلم يكن عندهم في صحة الشرائع وصدق الرسل عليهم السلام إلا الظن فقط باعتراف هذا الفاضل الذي هو التفتازاني، وأن الظن لا يغني من الحق شيئا؛ لأنه يجامع احتمال النقيض وتجويزه، وقد اعترفوا بأن تجوزي كذب المرسلين يستلزم الكفر وغفلوا عن مذهبهم ونفيهم للحسن والقبح عقلا.

فإن قيل: أن السعد التفتازاني مصرح في مباحث النبوات بأن العادة تقيد القطع والجزم.

Shafi 142