115

Ihtiras

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Nau'ikan

وما أجاب عن هذا بشيء فليت شعري أي عادة يلزمن جواز[57] ...... القدح في البديهيات على تقدير عدم العادة بالمرة كما هو مقتضى السؤال المذكور آنفا، ومقتضى كلام الرازي في تشبثه بدعوى بين العادة جرت بأن الله تعالى لا يصدق صدقي النبوة بالمعجزة إلا وهو صادق مع أنهم قائلون بأن عادة الله جارية بإضلال عباده وإغوائهم دائما، ثم أنك قد عرفت بأنه لا يمكنهم دعوى العادة في نبي مدعي الرسالة، ويظهر المعجزة على يديه والنزاع أعم من أن يكون في أول الأنبياء والمرسلين، وتأخرهم عليهم السلام أجمعين، فقد تبين لك وانكشف إنكشافا تاميا بأن دعواهم للاستمرار العادة بأن الله تعالى لا يخلق العلم بصدق العلم لمدعي النبوة والرسالة إلا إذا كان صادقا في نفسه دعوى عاطلة كما أن دعواهم بأنهم يجزيون ويقطعون بأنه لا يظهر للمعجزة على يديه إلا لأجل تصديقه مع فهم أن الغرض في أفعاله تعالى محال دعوى باطلة، والذي ادعوه من جري العادة بذلك ليس من العادة في شيء إلا في أوهامهم الكاذبة بأنهم لم يعلموا مطابقة اعتقادهم للواقع مع نفيهم للحسن والقبح عقلا فضلا عن أن يعلموا جري العادة بمطابقة اعتقادهم للواقع، وعود المطابقة له من بعد أخرى، وأماني أمانيهم أشعبية ومغالطات بمواعيده...... ومما ينبه اللبيب المنصف على فساد ما أعتمد عليه أنهم قائلون بأن مدعي الرسالة بغير دليل كاذب قطعا كما مر، صرح به ابن السبكي في جمع الجوامع والقاضي زكريا في اللب وشرحه وعلله بأن الرسالة أن الله تعالى جاريه على خلاف العادة، والعادة تقتضي كذب من يدعي ما خالفها بغير دليل، وهذا التعليل العليل مناد بأن مدعي الرسالة يدعي خلاف ما جرت به العادة فهو كاذب قطعا استنادا إلى العادة أن ذهابهم إلى أنه بعد المعجزة ينقلب صادقا قطعا بعد أن كان كاذبا قطعا، مع تجويزهم على الله تعالى إجراء العادة المستمرة بتصديق الكاذب لعدم القبح في ذلك، فمن أين لهم القطع بصدق المدعي الذي كان كاذبا قطعا، ثم من أين لهم إثبات إحدى العادتين على الأخرى، ولما قالوا: أن العادة القاضية بصدقه بعد إظهار المعجزة على يديه أو لا من العادة القاضية بكذبه، وكان قياس مذهبهم هو العكس؛ لأنهم قد جعلوا إجراء عادة الله تعالى بالإضلال لعباده وإغوائهم من كمال قدرته تعالى، فتأمل، ثم لا يخفاك أن قول القاضي زكريا.... دليل......لأن العادي عن الدليل ليس مخالفا للعادة مطلقا فلا حاجة إلى قوله تغيير دليل، بل لا يستقيم الكلام معه كما أنه لا يستقيم لو حذفه بالنظر إلى مذهبهم واعتمادهم على العادات في إثبات النبوة والرسالة، ولو قال: لأن الرسالة عن الله إذا ......... أي الدليل كانت على خلاف العادة، والعادة الجارية لا تكون إلا بدليل تكذب ما خالفها وهو الرسالة بلا دليل لكان هذا هو الصواب، لكن الذي أوقعه في هذا الاضطراب اعتماده تبعا لأسلافه على العادة في إثبات النبوات والرسالات وعدم قولهم بالقبح العقلي، فلذا قلنا: أنه لا استحالة عندهم في إظهار المعجزة على يدي الكاذب، ولما لا يجوز أن يكون ذلك وعادة الله في إضلال عبداة وإغوائهم دائما.

Shafi 132