109

Ihtiras

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Nau'ikan

الأول: لا أن لهذا أن هذا الذي ذكره ابن سينا اختصاصا بذلك الإشكال، والجواب عنه بطريق الاجمال أنه تشكيك في الضروري، وكلما كان كذلك كان مطرودا عن مقاعد السمع، وأظن الشيخ أبا هشم بن أبي علي أول من أشار إلى هذا الإشكال، ولولا خوف الاطالة لذكرت من كلامه منه ما يدل على أنه أول من أشار إلى ذلك الإشكال، وقد وضح مما ذكرناه إن إفادة الأخبار المتواترة للعلم إنما أنشأت من استمرار العادة بأن كل خبر متواتر عن أمر محسوس إذا بحثنا عنه لا يكون إلا مطابقا للواقع دائما، ومن هنا نشا الحكم باستحالة الكذب من الجم الغفير فيما أخبروا به عن أمر محسوس، وثبت الجزم بأنه لا يكون إلا مطابقا للواقع فلا يرد علينا ما يرد على الأشاعرة ونحوهم من ارتفاع ثقتهم بصحة الشرائع، لا يقال أن كل عاقل يعلم بالضرورة صدق الخبر المتواتر، وإن لم يكن مخطر بباله الحجة المذكورة، ويحصل له شعور بتلك الكلية، وذلك القياس، فهذا دليل على فساد ما ذكرتموه؛ لأنا نقول: قد تقدم فريبا أن ابن سينا اعتبر التفطن لإندراج الجزئية تجت الكلية فلا بد في العلم بالنتيجة من استحضار العلم بهذا الاندراج مع أنا نعلم أن الانتاج في الشكل الأول ضروري أي أنه يحصل فيه العلم بالنتيجة ضروري، فإذا ثبت أن كون العلم بالشيء ضررويا لا ينافي اعتبار علم آخر في حصول هذا العلم الضروري باعتراف ابن سينا، فكذلك ما نحن فيه فإن كون الخبر المتواتر مفيدا للعلم بالضرورة لا ينافي أن يصير في تحققه علم آخر وهو العلم بالكلية التي ذكرناها، ثم نقول: أ،ه لا خلاف ولا شك فغي أنه لا يحصل العلم بصدق الخبر المتواتر إلا عند الشعور باستحالة تواطي الجمع الكثير على الكذب، ولهذا لم يحصل العلم بصدقهم إذا أخبروا عن أمر معقول، وكذا لا يحصل العلم بصدقهم عند بعض الناس، وأن أخبروا عن أمر محسوس وأفاد خبرهم علما لأكثر الناس ما ذاك إلا؛ لأنه لا بد في العلم والجزم بصدقهم من الشعور المذكور، والحكم باستحالة تواطيهم على الكذي، وهذه هي النكية في أن العدد المقيد للعم بالخبر لا .....كما ذهب إليه المحققون، بل مرجعه إلى إفادة العلم، وإفادة العلم لا بد فيها من الشعور بالكلية، لكنه لا يشترط الشعور بالشعور فافهما.

أنت قد عرفت أن هذا الحكم أعني الحكم باستحالة تواطيهم على الكذب إنما ينشأ عن ملاحظة استمرار العادة بأن كل خبر متواتر من أمر محسوس فإنه دايما لا يكون إلا مطابقا للواقع كنا .....

Shafi 122