292

أيها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة ثم قاتلتموه وخذلتموه فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم وسوء لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لكم قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي.

قال فارتفعت أصوات الناس بالبكاء ويدعو بعضهم بعضا هلكتم وما تعلمون.

فقال علي بن الحسين رحم الله امرأ قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وفي أهل بيته فإن لنا ( في رسول الله أسوة حسنة ).

فقالوا بأجمعهم نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك رحمك الله فإنا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن ترتك وترتنا ممن ظلمك وظلمنا.

فقال علي بن الحسين عليه السلام هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات إلى منى فإن الجرح لما يندمل قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه فلم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وآله وثكل أبي وبني أبي وجدي شق لهازمي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصصه تجري في فراش صدري ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا.

ثم قال عليه السلام :

لا غرو أن قتل الحسين وشيخه

قد كان خيرا من حسين وأكرما

احتجاجه عليه السلام بالشام على بعض أهلها حين قدم به وبمن معه على يزيد لعنه الله

وعن ديلم بن عمر قال : كنت بالشام حتى أتي بسبايا آل محمد صلى الله عليه وآله فأقيموا على باب المسجد حيث تقام السبايا وفيهم علي بن الحسين فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال :

الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرون الفتنة فلم يأل عن سبهم وشتمهم فلما انقضى كلامه.

قال له علي بن الحسين عليه السلام إني قد أنصت لك حتى فرغت من منطقك وأظهرت ما في نفسك من العداوة والبغضاء فأنصت لي كما أنصت لك فقال له هات.

قال علي عليه السلام أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال نعم.

فقال له عليه السلام أما قرأت في الآية : ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ). قال بلى.

Shafi 306