============================================================
ومع ذلك قلو وجد من أوتى توفيقا وألهم رشدا ، لكان الحال غير ما عليه الآن بخلاف الحال في هذه المحن ، فإن المال الواصل إلى كل أحد من خراج أو غيره ، إنما هو فلوس منسوبة إلى الأرطال كما تقدم. والذهب والفضة وسائر المبيعات كلها من مأكل وملبوس أو غيره نعم وخراج الأرضين إنما ينسب إلى الفلوس. فيقال كل دينار بحكذا وكذا درهم من الفلوس والفضة كل درهم منها بكذا وكذا درهم من الفلوس ، والثياب والسلع كلها والخراج فى الإقليم كله ، كل كذا من كذا بكذا وكذا درهم من الفلوس .
ويالضرورة يدرى كل فى حس ، وإن بلغ قى الجهل الغاية من الغباوة ، أن المال إنما يؤخذ غالبا عن خراج الأراضى ، أو أثمان المبيعات أو قيم الأعمال ، أو من وجوه البر والصلات و أنه لابد وأن يصرف فى الأمور الحاجية وسائر الأغراض البشرية ، إما على وجه الاقتصاد ، او فى سبيل السرف والتبذير . فإذا صار إلى أحد مبلغ ما من هذه القلوس ، وأنفقه فى سبيل من سبل أغراضه ، فإنه يجد من الفين ما لا غاية وراءه .
وييان ذلك أن السلطان إذا وصل إلى ديوانه ستون ألف درهم من الفلوس ، فإنما يقبض منها متولى ذلك الديوان مائة قنطار من القلوس ، أو ذهيا بحسابه . فإن كان مثلا إنما وردت الى ديوان الوزارة ، فان الوزير ، لما يحتاج إليه من اللحوم السلطانية ، يشترى بهذه الستين الف درهم التى وزنها مائة قنطار من الفلوس ، وعنها من الذهب [ بحسابه ) ، ما زنته من الحم ستة وستون قتطارا وثلث قنطار ، حسابا عن كل قنطار سبعائة درهم . وقيل هذه المحن كان يشترى بالستين ألف درهم ألف قنطار وخمسمائة قنطار من اللحم ، حسابا عن كل قتطار اربعين درهما . وفرق عظيم ، وغبن فاحش ، ما بين الأول والثانى .
واعتبر ذلك فى سائر الأموال السلطاتية ووجوه مصارفها ، وتنزل إلى أموال الأمراء، ثم إلى من دونهم من رؤساء الدولة كالوزراء والقضاة وأعيان الكتاب ومياسير التجار وغيرهم فإنك تحب مثلا الواحد من أهل الطبقة الوسطى إذا كان معلومه في الشهر ثلاثمائة درهم
Shafi 159