============================================================
ويدخر بعد ذلك ما شاء الله ، لأنها كانت دراهم ، وهى قيمة ألف مققال من الذهب أو قريب منها . والآن إنما يأتيه بدل تلك المائة ألف درهم قلوس ، هى قيمة ستمائة وستين مثقالأ من الذهب ، ينفق ذلك فيما يحتاج إليه فى اليوم من لحم وخضر وتوابل وزيت ونحوه ، وقيما لابد له من كسوته وكسوة عياله ، وما تدعو إليه المحاجة من خبل وسلاح وغيره ، ما كان يشتريه قبل هذه المحن بعشرة آلاف من الفضة ونحوها . ولولا تساوى العالم من الخاصة والعامة بمعرفة تفاوت ما بين سعر المبيعات الآن وبين سعرها قبل هذه المحن ليينا ذلك . ولابد من الإلماع بطرف منه إن شاء الله تعالى : فأهل الدولة لو ألهموا رشدهم ، ونصحوا أتفسهم ل العلصوا أنهم لم ينلهم ريح البتة بزيادة الأطيان ، ولا بغلاء سعر الذهب الذى كان أصل هذا البلاء ، وسبب هذه المحن ، بل هم الخاسرون ، وأن ذلك من تلبيس مباشريهم لنيلهم ما يحيون من أعراضهم ، ( ولا يحيق المكر السيي إلا بأهله) .
وأما القسم الثانى ، وهم مياسير التجار وأولو النعحة والترف ، فإن التاجر إذا استفاد مثلا ثلاثة آلاف درهم فى بضاعته ، فإنما يتعوض عنها فلوسا أو عشرين مثقالا من الذهب ، ويحتاج إلى صرفها فيما ل غنى له عنه من مؤونته ومؤونة عياله ، وكسوته وكسوة عياله فهو لو تأمل لا تضح له أنه لما كان أولا يستفيد فى مثل هذه البضاعة ألف درهم مثلا ، أنها تغنى عنه في كلفته مما تفنى عنه هذه الثلاثة آلاف درهم من الفلوس بكثير . فالبائس لغباوته يزعم أنه استفاد ، وهو فى الحقيقة إنما خسر، ولسوف عما قليل ينكشف له الغطاء ، ويرى ماله قد أكلته التفقات ، وأتلفه اختلاف النقوذ ، فيعلم فساد ما كان يظن ، وكذب ماكان يزعم ، ( ومن يضلل الله فما له من هاد) .
وأما القسم الثالث ، وهم أصحاب البز وأرباب المعايش ، فإنهم فى هذه المحن يعيشون مما يتحصل لهم من الريح ، فإن أحدهم لا يقنع من الفوائد إلا بالكثير جدا ، وهو
Shafi 148