ومع أن هذه الشكة التي كان يلبسها كل منا لم يكن يقل وزنها على الأرض عن مئة رطل، فإننا لم نكن نحس بثقلها؛ لأن الثقل هو في النهاية جاذبية، وجاذبية القمر صغيرة جدا، بل إننا لو كان في استطاعتنا أن نسير على القمر دون أن تثقلنا هذه الشكة لكانت خطواتنا وثبات نرتفع بها عشرة أمتار في الهواء وننزل ثانيا.
وكان اتصالنا الرديوئي بالأرض على أحسن ما يكون، وكنا نستمع إلى الإذاعات والأغاني، ونحس أن مشكلات الأرض لم تعد مشكلاتنا؛ ولذلك أقمنا محطة إذاعية خاصة لنا، وكان مستواها الثقافي عاليا؛ لأننا كلنا كنا من المتخصصين في العلوم.
وشرع بعضنا، بعد أقل من سنتين، يبحث موضوع الاستعداد لغزو الكواكب القريبة التي كنا نرصدها من القمر بأفضل وأدق مما كنا نرصدها ونحن على الأرض؛ وذلك لأن طبقة الهواء التي تكسو الأرض ليس لها ما يضارعها على القمر، والرؤية التلسكوبية - لهذا السبب - واضحة كل الوضوح. •••
وقد عدنا إلى الأرض ونحن عشرون في سنة 1987 بحسب تاريخ الأرض، (وسنة 3 بحسب تاريخ القمر)؛ كي نشرح للأرضيين أحوال القمريين وندعوهم إلى الهجرة إلى القمر.
وقد مضى علي وأنا بالأرض نحو ستة شهور، وشوقي إلى القمر لا يعدله شوق؛ إذ هو خلو من هذه الخلافات الأنانية الصغيرة التي تشغل الأرضيين، ولكن شيئا واحدا يؤلمني، هو هذه الشاة والكلبة خلفها، تسيران في الفضاء إلى الأبد، إلى الأبد.
Shafi da ba'a sani ba