وأمن كلاهما على كلامي، وشرعا بعد أيام يتهيئان للزواج، ولكن بعد نحو شهر جاءني نجيب وهو يقول: أنا منكوب، أنا عاجز عن الزواج، بل إن هناء أيضا تقول إن زواجنا لن يجدي.
ولطمت وجهي عندما سمعت هذ الكلمات، فإن ما خشيته قد وقع؛ ذلك أنهما قد أفسدا حبهما، وأبدلا مجراه الطبيعي مجرى آخر، هو المجرى الفني؛ فقد أمضيا نحو ثلاث سنوات يقعد كل منهما أمام الآخر كل يوم، ولكن ليس كما يقعد الشاب أمام الفتاة، وإنما كما يقعد الفنان أمام الصورة أو الرسم؛ ينتقدها ويتعمق معانيها، يرى النور ولا يحس النار، ويجد المعنى ولا يجد الجسم، وينظر إلى اللؤلؤ في الأعماق البعيدة، ولكنه لا يمس الماء القريب منه! أجل، لقد كفر كلاهما بالحب وزيفاه بالفن، وتعودا ذلك! لا، لم يعد نجيب يحب هناء، وإنما صار يحب الرسم الذي كان يرسمه لها فقط، وهذا كان شأنها أيضا معه.
وقلت له: وماذا بقي من الحب؟
فقال: نحن صديقان.
فقلت: لقد قمتما بتجربة علمية، ولكن الثمن الذي أديتماه فاحش؛ فقدتما السعادة وكسبتما التجربة.
الفصل الثاني عشر
والدي العزيز
وكان الدور الذي عزفته لنا من تأليف شوبان البولوني، ولم يدخل مخي، ولكن شادية قالت لي إني لم أتعود الأدوار الأوربية، وعندما أتعودها سأتذوقها.
الإسكندرية في أول نوفمبر
والدي العزيز
Shafi da ba'a sani ba