وانفجرت ضاحكة، وخفق صدرها وهي تضحك، فوقعت زهرة والتقطتها، وأعدتها في مكانها، وسرى في جسمي تيار من كهرباء الحب.
وقلت: أنا اسمي يوسف.
وقالت: أنا اسمي ثريا.
ومددت يدي وتناولت يدها، وكانت أصابعها باردة، أما كفها فكانت دافئة، وقبلت الكف والظهر والأصابع ، وتحدثنا عن السحاب الأبيض الذي كان يسبح في السماء، وعن وكر الحدأة في الشجرة الباسقة التي تنهض على حافة الحديقة، ثم استحال الحديث إلى كلمات تافهة وإلى معان مضمرة تتخللها تنهدات.
ونهضت، وركبت سيارة أجرة بعد أن وعدتني أنها ستأتي في الغد، وغابت عني السيارة، وأحسست أني رجل، وأن لي شخصية، وأني مسئول.
وقصدت إلى منزلي، وقبل أن أصل إليه عرجت على شارع فؤاد حيث اشتريت قميصا جديدا مع ربطة جديدة زاهية، ودخلت البيت وأنا في نشوة؛ أتحدث كثيرا وأضحك كثيرا، وفي نفسي إحساس بأني ممتاز على جميع من في البيت.
ألست أحب؟ ألست محبوبا؟ أليس في قلبي سر؟
وعدت في الميعاد إلى الحديقة، ووجدتها، وقبلت يدها في حرارة، وقعدت إليها، ولحظت التفاتها إلى القميص والربطة الجديدين، ووضعت يدها على خدي وأمسكت بأذني ثم بعنقي، وأخذت يدها، ووضعتها على شفتي، وجعلت أقبلها وأنفاسي تخرج على أصابعها، وبقينا نعبث ونضحك نحو ساعة، وجاء ميعاد قيامها، فودعتها إلى السيارة.
وعدت في اليوم التالي فلم أجدها، وعدت في الأيام التالية فلم أجدها، وقد مضى إلى الآن نحو اثنتي عشرة سنة وأنا أستعيد رؤياها، وأتخيلها في اليقظة والنوم، فتمتلئ نفسي سعادة وحسرة.
وكثيرا ما أستسلم لأحلام اليقظة، فأجدني أتحدث إليها، وأتأمل وجهها، وأتشمم العطر في شعرها والعرق في صدرها، وكم من مرة سعدت بهذه الأحلام وأنا أزور هذه الحديقة، فأتخيلني معها ونحن نمشي ونتنحى عن المماشي العامة إلى ظل شجرة، حيث نقعد على العشب، ثم أقترح عليها الزواج، فتغمض عينيها في خفض الحياء، ثم نأخذ في التفاصيل: أين نسكن، وأي أثاث نشتري!
Shafi da ba'a sani ba