232

Afirka

أفريقيا: دراسة لمقومات القارة

Nau'ikan

ولا شك أن هذه التقديرات خاضعة لنسب من الخطأ قد تبلغ درجة كبيرة في بعض الحالات، ومن الأدلة التي تؤكد ارتفاع نسبة الخطأ أن عهد أفريقيا بالإحصاءات حديث، وأن تكنيك الإحصاء على مستوى أقل مما يطمأن إليه، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الإحصاءات ليست سوى نتاج دراسات بالعينة - أي لا تشمل كافة السكان. وفضلا عن ذلك فإن هناك احتمالات التحيز التي تظهر من خلال الولاء القبلي أو السياسي أو الديني، والتي قد تتدخل في عملية جمع البيانات من ناحية، أو في عملية نشر البيانات الإحصائية من ناحية أخرى.

وبناء على ذلك فإنه يمكننا أن ننظر بعين الشك إلى أرقام دولة كجنوب أفريقيا؛ حيث تسود العنصرية القحة وتتحكم في البيانات المنشورة، فضلا عن تحكمها في كل شيء آخر بالنسبة للسواد الأعظم من السكان الزنوج والزنجانيين، وكذلك يمكننا أن ننظر بارتياب إلى عدد سكان إثيوبيا، إما بالنقص أو بالزيادة؛ لأنه لم تجر في هذه الدولة إحصاءات على الأخلاق، والأرقام المذكورة ما هي إلا تقديرات لا يؤيدها دليل، وتمثل أرقام نيجيريا أيضا مثارا كبيرا للجدل؛ فقد قفزت تقديراتها من 35 مليونا عام 1961 إلى 55 مليونا عام 1963 - وهو أول إحصاء تقوم به نيجيريا المستقلة - وارتفعت التقديرات إلى 62,5 مليونا عام 1968 (أرقام الكتاب السنوي الديموجرافي 1969)، ثم هبطت التقديرات إلى 56,5 مليونا عام 1971 (أرقام الكتاب السنوي الديموجرافي 1971)، وربما كان تقدير سكان نيجيريا لعام 1971 أقرب إلى الصواب من التقديرات والإحصاءات السابقة، فلا الموارد الطبيعية ولا طرق وتكنيك الأنشطة الاقتصادية تسمح بكثافة سكانية عالية ولا ازدحام سكاني، بالقدر الذي تشير إليه أرقام الستينيات.

وإلى جانب ذلك فإن هناك قصورا آخر يعرض الكثير من أرقام السكان والإحصاءات الحيوية للشك؛ وذلك هو أن نسبة عالية من الأفريقيين عامة، وسكان المناطق المدارية خاصة، ليس عندهم وعي إحصائي، ومرد ذلك النقص يعود إلى عدة أسباب من أهمها: (1)

انخفاض نسبة التعليم وقلة الوعي الثقافي. (2)

الخوف الناجم من فرض ضرائب على الرءوس أو على مصادر الثروة والدخل - وخاصة الماشية - وهذا الخوف يعود إلى عهود الحكم الاستعمارية التي كانت تفرض ضرائب الرءوس، أو التي كانت تصادر الماشية في حالات الثورة أو الإخلال بالأمن الداخلي نتيجة النزاعات الدائمة بين القبائل. (3)

حركة التجوال المستمر للقبائل الرعوية الكثيرة في أفريقيا، تزيد من مصاعب القيام بالعمليات الإحصائية أو التقدير السكاني. (4)

هجرات العمل من الريف إلى المدن ومراكز التعدين المدارية تقيم عراقيل أخرى أمام الإحصاء السكاني؛ لأن الكثير من هذه الهجرات لا تسجل، فضلا عن كونها غير منتظمة، وتعتمد على مدى ما يعتقده الفرد المهاجر كافيا لاحتياجاته المباشرة من نقود - ومن ثم تجعله يترك العمل ويعود إلى قريته فجأة، أو العكس. (5)

هجرات العمل شبه الدائمة من مناطق الازدحام السكاني - مثل رواندا وبورندي وموزمبيق ... إلخ - أو هجرات العمل الموسمية في مناطق زراعة المحاصيل النقدية، كلها تؤدي إلى تضارب كبير في أرقام الدول المصدرة والمستوردة للأيدي العاملة. (6)

نقص واضح في أعداد النساء عند بعض المجتمعات المحافظة المتشددة في الفصل بين النساء والرجال في الحياة العامة، وكذلك نقص في أعداد الشبان عند المجتمعات التي تخشى الخدمة العسكرية الإجبارية.

وبالرغم من هذه النقائص فإن التقديرات المختلفة لأعداد السكان في أفريقيا تكون أساسا طيبا للدراسة لسببين:

Shafi da ba'a sani ba