58 *
الأرقام بين القوسين أمام درجات الحرارة وكميات المطر تساوي رقم الشهر: (1)-(12) = يناير إلى ديسمبر. (3-3) أقاليم المطر الفصلي المدارية
تتميز مساحة كبيرة من الأقاليم المدارية الأفريقية بمطر يتركز سقوطه في فصل الصيف، بينما يصبح الشتاء جافا، وفيما عدا ذلك تكاد هذه المساحة الكبيرة تتشابه في ظروف الحرارة مع الأقاليم المدارية الجافة، وإن كانا يفترقان في أن النطاقات التي تتمتع بالمطر الفصلي تحتل المناطق القريبة من الإقليم الاستوائي، بينما تبعد مناطق النطاقات الجافة عن المنطقة الاستوائية.
وعلى هذا فإن نطاقات المطر الصيفي تحيط - في أفريقيا - بالمنطقة الاستوائية، فإلى الشمال من النطاق الاستوائي يظهر هذا النوع المناخي في إقليم السودان الطبيعي الذي يمتد من السنغال على المحيط الأطلنطي إلى الهضبة الحبشية مسافة 5000 كيلومتر من الشرق إلى الغرب، ومسافة متوسطها 1000 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب. هذا النطاق هو الذي يمثل هذا النوع المناخي أصدق تمثيل، ومن ثم يطلق عليه في أحيان كثيرة مناخ السفانا، أو في أحيان أكثر المناخ السوداني.
ويتعدل هذا النوع المناخي نتيجة تأثير وتداخل عناصر طبيعية أخرى، ففي الهضبة الحبشية تتداخل عوامل الارتفاع التضاريسي مع مراكز الضغط المنخفض الأفروآسيوي في الصيف، لكي تعطي للحبشة مناخا موسميا معينا. وفي شرق أفريقيا يؤدي الارتفاع إلى نوع من المناخ يمكننا أن نطلق عليه مناخ السفانا العليا، وفي جنوب الكنغو وفي وسط أنجولا أدت ظروف الموقع وعلاقته بمصدر الرياح الممطرة إلى نوع مناخي معدل.
ومع هذه التعديلات التي تطرأ على عنصر أو أكثر من عناصر المناخ، فإن أقاليم المطر الصيفي المدارية تشترك في ظاهرة فصلية المطر، وارتفاع درجة الحرارة وخاصة قبيل بدء موسم المطر مباشرة، ولولا أن كثيرا من الأنهار الأفريقية الكبرى تنبع من المنطقة الاستوائية، لكانت مسارات الأنهار في أقاليم السفانا المناخية أودية جافة أو شبه جافة خلال موسم الجفاف المداري، والدليل على ذلك أن الأنهار الصغيرة في هذا النطاق تجف أو تكاد في موسم الجفاف. (أ) مناخ السودان المثالي
يتميز هذا الإقليم بحرارة شديدة على مدار السنة وأعلى درجات الحرارة تصل في أواخر الربيع، حيث تهيئ السماء الخالية من السحب الفرصة أمام أشعة الشمس لكي تزيد من آثارها على سطح الأرض، فالحرارة العظمى المطلقة تصل إلى 45م في مايو، وتنخفض إلى 35°م في أغسطس، بينما يبلغ متوسط الحرارة في مايو حوالي 34°م، تنخفض بعد مايو نظرا لمجيء السحب المحملة بالأمطار، ولكن السكان لا يشعرون بالفارق الكبير في درجة الحرارة؛ لأن نسبة الرطوبة تزداد ويترتب على مصاحبتها بالحرارة العالية نسبيا جوا أكثر مضايقة من الجو الحار الجاف في أواخر الربيع. وفي النطاق السوداني المثالي يتراوح مدى الحرارة السنوي بين 8 و10 درجات، ونادرا ما تنخفض درجة الحرارة عن 20°م، وفي بعض الأحيان يحدث الصقيع في الموسم البارد في الليل، ونظرا لامتداد النطاق السوداني من مصب السنغال حتى هضبة الحبشة مسافة تقترب من خمسة آلاف كيلومتر، فمن المتوقع أن نجد ظروفا مناخية مختلفة في هذا الإقليم الواسع.
وفي خلال الشهور من أكتوبر إلى أوائل مارس تهب رياح جافة شمالية شرقية مستمرة منتظمة على النطاق السوداني، من مناطق الضغط المرتفع في الصحراء إلى الضغط المنخفض الاستوائي، وتسمى هذه الرياح في النطاق السوداني والاستوائي من أفريقيا الغربية باسم هارماتان، ولكن للهارماتان في الإقليم السوداني أثر يسبب الضيق للنبات والإنسان والحيوان، فهي إلى جانب حرارتها العالية تحمل معها رمالا ناعمة، أما في الصيف إن الرياح الجنوبية الغربية تهب من المحيط الأطلنطي جنوب خط الاستواء إلى منطقة الضغط المنخفض المتركزة على الإقليم الشمالي من النطاق السوداني، وتكون هذه الرياح محملة بالأمطار، ويمتد نطاق الرياح المطيرة الجنوبية الغربية حوالي 1500كيلومتر إلى الشمال من النطاق الاستوائي، فتصل إلى حافة النطاق الصحراوي، وفي هذه المسافة نجد اختلافا في كمية المطر الساقط ونظم سقوط هذا المطر.
ففي المناطق المتاخمة للإقليم الاستوائي تسقط كمية من المطر تتراوح بين 100 و125سم، أما في الأقاليم الشمالية المتاخمة للإقليم الصحراوي فتتراوح الكمية فيها بين 10 و25سم، وإلى جانب ذلك نجد أن فصل سقوط المطر يكون طويلا في الجنوب، ويتناقص تدريجيا إلى الشمال.
ويتميز النطاق السوداني المثالي من حيث نظم سقوط المطر بانقسامه إلى جزئين الجنوبي والشمالي.
Shafi da ba'a sani ba