وحتى الجزء الممطر من هذه المنطقة، وهو هضبة الحبشة، فإن ظروف اتجاه انحدارها قد جعل مياهها جزءا من التصريف النهري النيلي، ومن ثم جزءا من تصريف المحيط الأطلنطي رغم بعدها الشديد عن البحر المتوسط وقربها الكثير من المحيط الهندي والبحر الأحمر.
وعلى العكس من ذلك، فإن غرب وشمال غرب أفريقيا منفتحة على المحيط الأطلنطي، وتتلقى من الأمطار ما يؤدي إلى سير منتظم للأنهار العديدة في هذه المنطقة. (2) أنواع الأنهار وأشكال المناسيب
ترتبط أنواع الأنهار وأشكال مناسيبها ارتباطا وثيقا بالمناخ عامة، ونظام سقوط الأمطار على وجه خاص، ونظرا لموقع القارة بالنسبة لأقاليم المطر، فإن تقسيم أفريقيا من وجهة النظر هذه تقسيم غاية في البساطة كما يتضح من الخريطة (9)، فالإقليم الأوسط ذو المطر الاستوائي الغزير يتميز بجريان نهري دائم لا ينقطع، والإقليم الذي يحيط به من الشمال والجنوب والشرق يتميز بأمطار موسمية السقوط، مما يؤدي إلى جريان نهري موسمي. أما النطاق الثالث فهو إقليم صحراوي المناخ، ذو أمطار طارئة غير متوقعة وكمية صغيرة، مما يؤدي إلى جريان مائي سطحي مفاجئ لفترة زمنية محدودة جدا.
هذه هي الصورة العامة، ولكن الدراسة التفصيلية تؤدي بنا إلى اكتشاف أشكال مختلفة من الأنهار ذات طابع محلي مرتبط بظروف عديدة.
خريطة رقم (9): نطاقات أنواع الأنهار وأشكال المناسيب.
فنطاق الأنهار الدائمة الجريان ينقسم إلى قسمين رئيسيين، مرتبطا في ذلك بنظام سقوط المطر الاستوائي. هناك نظام مطر استوائي يسمى النظام ذا القمة الواحدة وآخر يسمى ذا القمتين؛ أي إن المطر الساقط يبلغ ذروته من حيث الكمية في شهر أو شهرين متلاحقين فقط في نظام القمة الواحدة، أو يكون له ذروتان ليستا بالضرورة متساويتين، ولكنهما يقعان في فصلين مختلفين - الربيع والخريف على وجه التقريب - في نظام القمتين، ونظرا لأن نظام القمتين المثالي يقع حول خط الاستواء، بينما يقع نظام القمة الواحدة أبعد مكانيا عن خط الاستواء، لهذا فإن الجريان النهري الدائم ذا المنسوب المنتظم أو الثابت يقع أقرب ما يكون إلى خط الاستواء، أما الجريان النهري الدائم ذو المنسوب المتذبذب، فيقع في نطاق يحيط بالنطاق الأول بعيدا عن خط الاستواء بعدا نسبيا، هذه الحالة تتضح تماما من الخريطة رقم (9)، فالتذبذب في منسوب الماء في النهر راجع إلى تركز سقوط المطر بكمية كبيرة في شهر أو أكثر، وقلة المطر نسبيا في بقية الشهور، مما يؤدي إلى ارتفاع وانخفاض في منسوب النهر، وهذا الارتفاع والانخفاض يتفاوت في الكمية حسب الظروف الخاصة لكل نهر على حدة. وتشمل الدراسة الدقيقة لمائية كل نهر دراسة مسطح الحوض النهري من ناحية، لبيان سرعة انحدار المياه أو بطئها، وبالتالي تحدد مجرى النهر بوضوح أو انسياب كمية من الماء خارج المجرى في صورة مستنقعات تؤدي إلى زيادة فاقد الماء بالبخر، كما تشمل الدراسة أيضا التركيب الجيولوجي لصخور الحوض النهري لبيان كمية الفاقد بالتسرب، وإلى جانب ذلك دراسة كمية التبخر في أجزاء الحوض، ودراسة كمية امتصاص النباتات الطبيعية من ماء الحوض وغير ذلك، بالإضافة طبعا إلى دراسة كمية المطر المتساقط في الحوض.
ونظرا لهذا التقسيم فإن الأنهار الدائمة الجريان في أفريقيا - أنهار المنطقة الاستوائية ودون الاستوائية - تنقسم مجاريها إلى أقسام ذات مناسيب ثابتة وذات مناسيب متذبذبة، إذا كانت داخلة ضمن أحواض نهرية كبيرة، ويتضح هذا مما يلي:
شكل رقم (10): الأنهار الدائمة الجريان.
أما الأنهار موسمية الجريان فإنها ترتبط بنظام المطر السوداني الذي يسقط في موسم واحد، وتبقى بقية السنة بدون تساقط مطري، ويشمل هذا النوع نطاقا عرضه قرابة 400 كيلومتر، ويمتد من المحيط الأطلنطي في السنغال إلى هضبة الحبشة، وهو ما نسميه الإقليم السوداني، ثم يشمل نطاقا آخر في شرق أفريقيا من الحبشة شمالا حتى شمال موزمبيق جنوبا، ونطاق ثالث في الجنوب يمتد في جنوب أنجولا ويشمل زامبيا والقسم الأوسط من الأورنج.
وعلى هذا فإن أجزاء من الأنهار التي تخترق النطاق السوداني موسمية الجريان، بالإضافة إلى غالبية أنهار شرق أفريقيا كما يتضح مما يلي:
Shafi da ba'a sani ba