تفسيره: وأقام في برية فاران، وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر١.
فقد ثبت في التوراة أن جبل فاران مسكن لآل إسماعيل. وإذا كانت التوراة قد أشارت في الآية التي تقدم ذكرها إلى نبوة تنزل على جبل فاران، لزم أن تلك النبوة على آل إسماعيل؛ لأنهم سكان فاران.
وقد علم الناس قاطبة أن المشار إليه بالنبوة من ولد إسماعيل هو محمد ﷺ وأنه بعث من مكة التي كان فيها مقام إبراهيم وإسماعيل. فدل ذلك على أن جبال فاران هي جبال مكة. وأن التوراة أشارت في هذا الموضع إلى نبوة المصطفى ﷺ وبشرت به.
إلا أن اليهود -لجهلهم وضلالهم- لا يجوزون الجمع بين هاتين العبارتين من الآيتين، بل يسلمون بالمقدمتين، ويجحدون النتيجة لفرط جهلهم٢.
_________
١ جاء في سفر التكوين ٢١/ ٢٠ - ٢١: وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية. وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران. وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر.
٢ زعمت يهود أن فاران هي أرض الشام، وليست أرض الحجاز. قال ابن كمونة في تنقيح الأبحاث ص٩٧: "فالتوراة تنطق أن موسى وبني إسرائيل اجتازوا بفاران وأقاموا بها، وخوطب موسى هناك عدة مرات -يشير إلى ما جاء في سفر العدد ١٢/ ١٦ و١٣/ ١ - ٣ و٣٥ - ٣٦ وسفر التثنية ١/ ١ وغير ذلك -وأيضا فإن من قرأ ما قبل المستشهد به وما بعده علم أن الكلام كله مختص ببني إسرائيل، لا بما يشاركهم فيه غيرهم. ثم إن الألفاظ كلها مخبرة عن أمر ماض، مثل أقبل وأشرق وطلع، لا عن أمر متوقع. وإن حمل على المتوقع فهو مجاز وخروج عن الظاهر". اهـ.
وزعمت النصارى أن فاران هي إيلات من أعمال الشام -كما في =
1 / 69