وإذا كانت التعبدات الشرعية غير عائدة بنفع لله ﷿، ولا دافعة عنه ضررا لتنزهه ﷾ عن الانتفاع والتأذي بشيء. فما الذي يحيل أو يمنع كونه تعالى يأمر أمة بشريعة، ثم ينهى أمة أخرى عنها؟ أو يحرم محظورا على قوم، ويحله لأولادهم، ثم يحظره ثانية على من يجيء بعدهم؟ وكيف يجوز للمتعبد أن يعارض الرسول في تحليله ما كان حراما على قوم، ويستدل بذلك على كذبه بعد أن جاء بالبينة، وأوجب العقلاء تصديقه وتحكيمه؟ أليس هذا تحكما وضلالا وعدولا عن الحق؟!
_________
= وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
وقال جل شأنه: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ [فصلت: ٤٣].
وقد استهدفت جميع الشرائع السماوية في عباداتها وتشريعاتها وأحكامها ما يحقق مصالح الناس في الدنيا، ويهيئهم للظفر بسعادة الآخرة.
قال سبحانه: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣].
غير أن تفاصيل الشرائع وفروع الأحكام وأشكال العبادة تختلف من أمة إلى أمة تبعًا لاختلاف زمان الناس وأحوالهم واستعداداتهم وما يحيط بهم من عوامل وملابسات.
قال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
وقال أيضًا: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج: ٦٧].
1 / 30