Ifada a Tarihin Aimma
الإفادة في تاريخ أئمة السادة
Nau'ikan
ومن تأثيره العظيم في باب الدين أن الديلم كانوا يعتقدون أن من خالف القاسم [بن إبراهيم] عليه السلام في فتاويه فهو ضال، وكل قول يخالف قوله فهو ضلالة، والجيل يعتقدون مثل هذا في قول الناصر رضي الله عنه، ولم يكن سمع هناك قبل دخوله إلى تلك الناحية أن كل واحد من القولين حق، فأظهر رضي الله عنه هذا المذهب فيما بينهم، وهو: أن كل واحد منهما صواب، وتكلم فيه وبينه لهم وناظره منهم قوم كانوا معدودين في جملة الفقهاء، وهم الديلم القاسمية، فقد كان فهيم نفر يحفظون كثيرا من مسائل القاسم ويحيى [بن الحسين] عليهما السلام، وإن لم يكونوا يتحققون بالنظر ولا يفهمون طريقه ولا يفهمون أكثر ما ورد عليهم فيما يتعلق بهذا الجنس، فأما الجيل فما كان فيهم من ينتهي إلى هذا الحد أيضا وإنما كانوا عوام مقلدة، إلا أنه كان فيهم تعصب شديد في هذا الباب، وكان بعضهم يفسق بعضا في هذه المسألة، وربما كفروا، وأكثرهم كانوا لا يحفظون في هذا الباب إلا مسألة: البنت مع العصبة، فيجري بين الطائفتين فيها من النزاع والتضليل والتفسيق ما هو معروف، وقد بقي هذا الخلاف بعد في كثير منهم إلا أن من يرجع منهم إلى تحصيل ودارية وفكر في الدين قد رجعوا عنه، والسبب فيه بركاته رضي الله عنه، وكان يتعب معهم في تبيين هذه المسألة لهم ويضجرونه بجهلهم وإيراد جهالاتهم عليه معتقدين في أنفسهم أنهم يناظرونه، إلا أن آخر الأمر اعتقد هذه القول أكثر من يرجع إلى ضرب من الدين من الطائفتين، وشاع ذلك بعد أن كان أحد لا يجسر على أن يتكلم به قبله، واستمر ذلك بحشمته وهيبته واعتقاد الجماعة فيه على الجملة أنه عالم متفق على علمه مع قدح كثير من جهالهم فيه، ووصفهم له بأنه معتزلي مرة، وبأنه حنفي مرة أخرى، وظهر هذا الصلاح ببركته وبقي إلى يومنا هذا، ومن بقي منهم على الجهل الأول يسمون هؤلاء أصحاب القولين، إلا أن الغلبة قد صارت لهؤلاء لاتفاق أهل التحصيل منهم عليه.
Shafi 144