Gudanar da Musulunci Lokacin Girma na Larabawa
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Nau'ikan
27
كسيرات فبكى عمر، وقال: غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة. وأرسل إليه أربعمائة دينار، وسأل من أرسله أن يقف على ما يفعل بها فوزعها أبو عبيدة كلها، وأرسل مثلها إلى معاذ بن جبل فوزعها إلا أشياء قليلة سألته امرأته إياها لحاجتها. فقال عمر لما أخبر بذلك: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا.
وكان معظم عمال عمر على غرار أبي عبيدة ومعاذ من التقشف والتبلغ باليسير، وكان إذا لم تقنع نفسه بحسن سيرهم على الصورة التي لا يرى غيرها لا يتلكأ عن عزلهم. فقد شكا أهل حمص عاملهم سعيد بن عامر، وسألوه عزله؛ لأنه لا يخرج للناس حتى يرتفع النهار، ولا يجيب أحدا بليل، وله في الشهر يوم لا يخرج فيه، فلما أيقن عمر أن عامله يعجن كل يوم خبزه ويجلس حتى يختمر فيخبزه، ثم يخرج للناس، وأنه يجعل الليل كله للعبادة، وأنه يشتغل مرة في الشهر بغسل ثيابه، بعث إليه عمر ألف دينار يستعين بها، فوزعها على جيش من جيوش المسلمين.
وقدم سعيد بن عامر على عمر بالمدينة فلم ير معه إلا عكازا وقدحا فقال له عمر: ليس معك إلا ما أرى؟ فقال له سعيد: ما أكثر من هذا، عكاز أحمل عليه زادي وقدح آكل فيه. وكان من عماله عمير بن سعد
28
وفيه يقول عمر: وددت لو أن لي رجلا مثل عمير بن سعد أستعين به على أعمال المسلمين. وعمير هذا هو الذي قال على منبر حمص: «لا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذا بالعدل.» وهذا من أبعد مرامي الإدارة العادلة إذا أحس أهل عمل من عاملهم العدل لا يحتاج في سياستهم إلى شيء من الشدة. كتب عمر إلى عمير أيام كان عمله على حمص: «أقبل بما جبيت من فيء المسلمين.» فسأله عمر عما عمله قال: بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتم جباية فيئهم، حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به. قال فما جئتنا بشيء؟ قال: لا. قال: جددوا لعمير عهدا. فقال عمير: لا عملت ولا لأحد بعدك، والله ما سلمت بل لم أسلم، لقد قلت لنصراني أي أخزاك الله. فهذا ما عرضتني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم خلقت معك يا عمر. وكان إذا استعمل عاملا كتب عهده:
29 «وقد بعثت فلانا وأمرته بكذا ...» فلما استعمل حذيفة بن اليمان على المدائن كتب في عهده أن اسمعوا له وأطيعوه وأعطوه ما سألكم. فلما قدم المدائن استقبله الدهاقين، فلما قرأ عهده، قالوا: سلنا ما شئت. قال: أسألكم طعاما آكله وعلف حماري ما دمت فيكم. فأقام فيهم، ثم كتب إليه ليقدم عليه. فلما بلغ عمر قدومه كمن له في الطريق فلما رآه عمر على الحال التي خرج من عنده عليها أتاه فالتزمه وقال: أنت أخي وأنا أخوك.
فعمر إذا لم يختر للأعمال إلا أفاضل الرجال ممن كانوا على سمته وزهده. وكان كثيرا ما يستعمل قوما ويدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل، ويقول: أكره أن أدنس هؤلاء بالعمل. وكان يشاور
30
في كثير من الوقائع حتى قال يوما لأصحابه أشيروا علي ودلوني على رجل أستعمله في أمر قد دهمني، فقولوا ما عندكم، فإني أريد رجلا إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنه واحد منهم. فقالوا: نرى لهذه الصفة الربيع بن زياد الحارثي فنشير على أمير المؤمنين به، فأحضره وولاه، فوفق في عمله، وقام فيه بما أربى على رجاء عمر فيه وزاد على عمله، فشكر عمر من أشاروا عليه بولاية الربيع.
Shafi da ba'a sani ba