Gudanar da Musulunci Lokacin Girma na Larabawa
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Nau'ikan
تضمين غلات بيادرهم بالحزر والتقدير، وإلزامهم حق الأعشار في ضياعهم على التربيع، واستخراج الخراج منهم على أوفر عبرة، قبل إدراك غلاتهم وثمارهم، وإكراه وجوههم على ابتياع الغلات السلطانية بأسعار مسرفة مجحفة.» ولما غلب السجزية على فارس جلا قوم من أرباب الخراج عنها لسوء المعاملة ففض خراجهم على الباقين، وكمل بذلك قانون فارس القيم، ولم تزل هذه التكملة تستوفي على زيادة تارة ونقصان. وجاءه قوم من أجلاء فارس وقالوا: نمنع غلاتنا وتعتاق في الكناديج
99
حتى تهلك وتصير هكذا «وطرحوا من أكمامهم حنطة محرقة.» ونطالب بتكملة ما وجب علينا فتدعونا الضرورة إلى بيع نفوسنا وشعور نسائنا وأدائها حتى تطلق الغلة وهي على هذه الصورة «ثم رموا من أكمامهم تينا يابسا وخوخا مقدودا ولوزا وفستقا وبندقا وغبيراء وعنابا.» وقالوا: وهذا كله خراج لقوم آخرين والبلد فتح عنوة، فإما تساوينا في العدل أو الجور. فأنهى علي بن عيسى ذلك إلى المقتدر بالله، وجمع القضاة والفقهاء ومشايخ الكتاب والعمال وجلة القواد في دار الوزارة وقد جعلها ديوانا، وتناظر الفريقان من أرباب الشجر وأرباب التكملة فقال أرباب الشجر: هذه أملاك قد أنفقنا عليها أموالنا حتى أنبتت الغروس فيها، وحصل لنا بعض الاستغلال منها، ومتى ألزمت الخراج بطلت قيمتها. وقد كان المهدي أزال المطالبة ورسم الخراج عنها. وقال المطالبون بالتكملة ما شكوا به حالهم فيها واستمرار الظلم عليهم بها. ورجع إلى الفقهاء في ذلك فأفتوا بوجوب الخراج وبطلان التكملة.
هذا تمثيل للإدارة على ذاك العهد وصورة من أعمال الوزراء. وبأمثال علي بن عيسى وابن الفرات كانت القوة تدخل على ملك بني العباس إذا عراه الضعف ويجبرون نقص الخلفاء. وبمثل الوزير الخاقاني والوزير الخصيبي ترجع القهقرى. فإن كان علي بن عيسى بعيد النظر في أمور الدولة جد عارف بما يصلحها، عفا عن أموال الرعية ساهرا على مصلحتهم الحقيقية فإن ابن الفرات كان نافذا في عمل الخراج وتدبير البلاد وجباية المال وافتتاح الأطراف، وكلاهما من بلغاء الكتاب ومن العارفين بأدب الملك.
وكان للدولة رسوم في تخريج رجال الإدارة ومما ذكروه أن باذرويا كان يتقلدها جلة العمال. قال ابن الفرات: سمعت أبا العباس أخي يقول من استقل بباذرويا استقل بديوان الخراج، ومن استقل بديوان الخراج استقل بالوزارة؛ وذلك لأن معاملتها مختلفة وقصبتها الحضرة، والمعاملة فيها مع الوزراء والأمراء والقواد والكتاب والأشراف ووجوه الناس، فإذا ضبط اختلاف المعاملات، واستوفى على هذه الطبقات صلح للأمور الكبار.
وبعد أن كان الخلفاء على استعداد تام لإدارة الملك أصبحوا يعتمدون على وزرائهم فإن كانوا علماء أخيارا جرت الأمور على سداد، وإن كانوا جهالا أشرارا زاد البلاء والشقاء، وطمع أصحاب الأطراف والنواب، وخرجوا عن الطاعة، وزالت عن الجند والرعية هيبة الخلفاء، وخلت من الأموال خزائنهم. والواقع إذا استثنينا عهد المعتضد لا نشاهد في خلفاء بني العباس بعد عهد المأمون من كان ذا عبقرية في الإدارة، وقد لا تنتظم الأحوال حتى بوجود الوزراء المحنكين؛ لأن للرأس تأثيره، والخليفة مرجع الأعمال وجميع السلطات فإن كان على اتزان تختفي العيوب في إدارة سلطنته المستبدة الطويلة العريضة، وإلا فالانحلال باد والملك في تزلزل. وهناك خليفة يدبره أخوه، وآخر تدبره أمه وجواريها، وغيره تدبره قهرمانته، وثالث يدبره وزيره. وقل في بني العباس أن جاء خليفة كالمأمون والمعتضد من يصدر عن رأي نضيج، ويعنى بملكه عناية حقيقية.
وكان الخلفاء في الجملة مشتغلين بأنفسهم ودفع أعدائهم عنهم، وكثير منهم من يقتل بأيدي الجند. وقل فيهم الرجل الرشيد بعد القاهر، وكانت الأمور تجري بقوة التسلسل، وبنو بويه ثم بنو سلجوق وغيرهم هم أصحاب الدولة بالفعل والخليفة لا عمل له في الحقيقة، بل هو أشبه بخيال يختفي وراءه صاحب السلطان إذا أراد أمرا لا يرضاه العامة إلا إذا صدر عن الخليفة.
نعم، صار الخليفة تابعا للملك أو المتغلب، ولم يبق شيء يقال له إدارة؛ لأن الخليفة لا يحكم حتى على بيته، فأصبحت الإدارة إدارة الملوك والأطراف وإدارة الفرس والترك، والشأن في السلطان شأنهم لا تكاد تسمع للخلفاء اسما. وكان من عادة أكثر خلفاء العباسيين أن يحبسوا أولادهم وأقاربهم. جرت بذلك سنتهم إلى آخر أيام المستنصر، فلما ولي المستعصم آخر خلفائهم ببغداد أطلق أولاده الثلاثة ولم يحبسهم، وكان من عادة حبس أولاد الخلفاء ضعفهم بل بلاهتهم إذا أسندت إليهم الخلافة، وربما انصرف أكثرهم في دور احتباسهم إلى اللهو والشراب فإذا جاءوها عجزوا عن إدارة الملك ؛ لأنهم عاجزون عن سياسة أنفسهم.
ولقد كان الرسم في عهد الخلفاء الأول من بني العباس أن يراقب الوالد ابنه والابن أباه والأخ أخاه على طريقة مستورة عن الأنظار، وتوسد إلى أبناء الخلفاء قيادة الجيوش وإدارة الولايات، ويشتركون في السلطان إلى حد معين، وتؤخذ آراؤهم في النوازل، ويدخلون في مجالس المشورة؛ فيكون لهم بذلك شيء من الوقوف ينفعهم يوم تولي الأمر، ويعرفون أنهم شركاء في هذا الملك لهم رأي يعتد به، ويجب عليهم الاهتمام لمصالحه.
وفي عصر الانحطاط حجب أبناء الخلفاء؛ فأصبح أكثرهم إلى الجهل والبلاهة يدرسون إدارة الملك في الكتب، وربما لا يرخص لهم أن يدرسوا في كل كتاب، ويسمعون من مربيهم وأساتيذهم ما يريدون أن يسمعوهم، ولكنهم لا يعلمون بالعمل شيئا كثيرا يصح أن يكون مادة لحياتهم وحياة الخلافة إذا أتت نوبتهم لتولي هذا المنصب الجليل.
Shafi da ba'a sani ba