كل جوهر واقع فى بعض حالاته تحت الدهر، وواقع فى بعض حالاته تحت الزمان — فذلك الجوهر هو هوية وكون معا. إذ الشىء الواقع تحت الدهر هو هوية حقا. وكل شىء 〈واقع〉 تحت الزمان هو كون حقا. فإن كان 〈هذا〉 هكذا، وكان الشىء الواحد واقعا تحت الدهر والزمان — كان هوية وكونا لا بجهة واحدة، بل بجهة وجهة. — فقد بان إذن مما ذكرنا أن كل مكون واقع بجوهره تحت الزمان متعلق الجوهر بالهوية المحضة التى هى علة الدوام وعلة الأشياء الدائمة كلها والأشياء الداثرة.
فلا بد إذن من واحد حق مفيد الوحدانيات وهو غير مستفيد؛ وأما سائر الوحدانيات فإنها مستفادة كلها. والدليل على ذلك 〈ما أقول〉: إن ألفى واحد مفيد والآخر غير مستفيد غير مستفاد، فما الفرق بينه وبين الواحد الأول المفيد؟ فإنه لا يخلو من أن يكون شبيهه فى جميع حالاته، وإما أن يكون بينه وبينه فصل. فإن كان شبيهه فى جميع حالاته وكان واحدا مثله — فلم صار أحدهما أولا والآخر ثانيا؟ وإن كان لا يشبهه فى جميع حالاته فلا محالة أن أحدهما واحد أول حق، والآخر واحد فقط. فإن كانت الوحدانية فيه ثابتة غير موجودة من غيره، فيكون هذا الواحد الأول الحق، كما بينا. فإن ألفيت الوحدانية فيه موجودة 〈من غيره〉، كان غير الواحد الأول الحق. فإن كان 〈من〉 غيره، كان 〈من〉 الواحد الأول إذن مستفاد غير الأواحد. فيعرض من ذلك أن يكون الواحد الحق المحض وسائر الأواحد وحدانية أيضا. وإنما صارت وحدانية من أجل الواحد الحق الذى هو علة وحدانيتها.
Shafi 32