Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Nau'ikan
وأجسم من عاد جسوم رحالهم وأكثر إن عدوا عديدا من الترب ولأنه لو جاز أن يسمى جسما لا كالأجسام لجاز أن يسمى إنسان لا كالناس وشابا لا كالشباب وشيخا لا كالشيوخ ونحو ذلك وذلك لا يجوز لإيهام الحدوث، فكذلك لا يجوز أن يسمى جسما لا كالأجسام إذ العلة واحدة. وأما الذين قالوا: بأنه تعالى عرض على اختلاف أقوالهم فمذهبهم باطل أيضا،لأنه لو كان مشبها للأعراض لجاز عليه ما جاز عليها من العدم والحدوث لأن ذلك شأن المثلين وهو تعالى لم يجز عليه العدم والبطلان والحلول في المحال لأن ذلك من توابع الأعراض وهو تعالى ليس بعرض لما قررنا أن العرض محدث وأن الله تعالى قديم والقديم لا يجوز خروجه عن صفته الذاتية وهي القدم إذ ذلك لا يصح كما مر فلم يجز عليه تعالى العدم والحدوث والحلول في المحال لمنافاته العرض لما ذكرنا، وأيضا فإن العرض ليس بحي ولا قادر ولا فاعل وقد ثبت أنه تعالى حي قادر فاعل ولا يخفاك أن الزيادة والنقصان مما لا يمتنع على الأعراض وأن الحلول في المحال على عمومه لايمتنع على الأجسام فإن خص بأنه لاعلى جهة الشغل فذلك مختص بالعرض وكذا العدم والبطلان مما يجري في الأجسام لا أن يقال أن الفناء تبدد وتفريق لا إعدام محض كان العدم يختص بالعرض لكنه خلاف مذهب أئمتنا والجمهور أن الله تعالى يفني العالم ويعدمه كذهاب المصباح والسحاب، فتخصيص المؤلف لبعض الأوصاف بالجسم وبعضها بالعرض لا يخلو من تسامح. نعم قد يقال إنما لم يجز عليه تعالى الفناء لأن الفناء لا يكون إلا بقدرة قادر ولا تأثير لغير القادر كما مر والله ليس من جنس المقدورات فلا تعلق به القدرة. وقال بعض العلية بل لأن ذاته أوجبت وجوده والذات ثابتة في الأزل وهو لا يتخلف عنها كما ذلك شأن العلة، وقالت المقتضية بل لأن المقتضي أوجب وجوده كما مر.
قلنا: هذا مبني على أصل وهو القول بالأمور الزائدة الموجبة عن الذات بواسطة أو لا واسطة وقد تبين لك بحمد الله بطلانه، وأما الذين قالوا: (بأن الله) تعالى جوهر فقولهم باطل، لأن ذلك إثبات ما لا طريق إليه، وأيضا فإن الجوهر ليس بحي ولاقادر، وقد ثبت (أنه تعالى) حي قادر. وقد تعلق المخالفون بآيات متشابهات وهي التي فيها ذكر الأعضاء ومن ذلك قوله تعالى{ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وقوله تعالى{بل يداه مبسوطتان} وقول تعالى{يد الله فوق أيديهم} وقوله تعالى{تجري بأعيننا}وقوله تعالى{ولتصنع على عيني} وقوله تعالى{يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله} وقوله تعالى{والسماوات مطويات بيمينه}إلى غير ذلك وظاهرها يقتضي أنه تعالى جسم.
Shafi 97