239

الجواب: أنا قد بينا بالدليل القطعي أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي (عليه السلام) ، فلو صح هذا الإجماع لأدى إلى تناقض الأدلة على غير وجه النسخ وذلك لا يصح. ثم أنا نقول: لا يصح الإجماع إلا حيث لا يعتد بأكابر الصحابة الذين رأسهم علي عليه السلام، فإن المنقول عنهم والمعروف من حالهم عند من له أدنى بحث في السير والتواريخ المنازعة والاختلاف الشديد هذا علي عليه السلام فإنه لما قال له العباس بن عبدالمطلب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امدد يدك أبايعك فيقول الناس عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بايع ابن أخيه فلا يختلف اثنان، قال عليه السلام: لو كان أخي جعفر وعمي حمزة حيين لفعلت، وروي أنه عليه السلام قال في جوابه لمعاوية: وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلهم بغيت، فإن يكن كذلك فليس الجناية عليك ليكون العذر فيها إليك، وقلت أني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، فلعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا بيقينه، وهذه حجة إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك بقدر ما سنح في ذلك، وقال عليه السلام: لولا حضور الحاضر، ووجوب الحجة لوجود الناصر لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، قال هذا لما طلب بالبيعة بعد قتل عثمان، وقال عليه السلام في خطبته المعروفة بالشقشقية: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقي إلي الطير فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي الحلق شجى وفي العين قذى، أرى تراثي نهبا، حتى إذا مضى الأول لسبيله، ثم أدلى بها إلى عمر بعد وفاته، فيا عجبا! بينا هو يستقبلها في حياته إذ أدلى بها إلى آخر بعد وفاته، إلى أخر ما ذكره عليه السلام.

Shafi 283