Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Nau'ikan
المسألة الثالثة عشرة ((أن الله لا يقضي بالمعاصي))
أنه لا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي من قضاء الله وقدره وإنما جعلت هذه من مسائل العدل وإن كان المراد بباب العدل بيان ما يحسن من الباري ويقبح وهذه مما يقبح منا إطلاقه لتضمنها أن الباري غير خالق للمعاصي ولا أمر بها وسائر أفعالنا حكمها أنه غير خالق لها ولا أمر ببعضها،وخالفت المجبرة وجوزت إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله وقدره بل لهجهم بذلك وتقحمهم عليه كثير، والدليل على مذهبنا وفساد ما ذهبوا إليه، أن القضاء والقدر لفظتان مشتركتان بين معان،فالقضاء بمعنى الخلق والتمام قال تعالى{فقضاهن سبع سماوات في يومين}(فصلت:12) معناه أتم خلقهن،وبمعنى الإلزام قال تعالى{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}(الإسراء:23) معناه أمر وألزم،وبمعنى الإخبار والإعلام قال تعالى{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا}(الإسراء:04) معناه أخبرنا وأعلمنا،فهذه ثلاثة معان.والقدر له ثلاث معان أيضا بمعنى الخلق قال تعالى{وقدر فيها أقواتها}فصلت:10) معناه خلق فيها أقواتها،وبمعنى العلم قال تعالى{ينزل بقدر ما يشاء}(الحجر:21) وقال تعالى {إلا امرأته قدرناها من الغابرين}(الحجر:60) معنى ذلك علمنا من حالها،وبمعنى الكتابة وفي الأساس بمعنى الإعلام قال العجاج:
واعلم بأن ذي الجلال قد قدر في الصحف الأولى التي كان سطر
أمرك هذا فاجتنب منه التبر
بمعنى الهلاك ويروى النتر بالنون والتاء فيكون معناه الفساد.
Shafi 139