وَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد أَمِين الشنقيطي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يغشي اللَّيْل وَالنَّهَار الأعرف ٥٤ هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة وأمثالها من آيَات الصِّفَات كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿يَد الله فَوق أَيْديهم﴾ وَنَحْو ذَلِك اشكلت على كثير من النَّاس إشْكَالًا ضل بِسَبَبِهِ خلق لَا يُحْصى كَثْرَة فَصَارَ قوم إِلَى التعطيل وَقوم إِلَى التَّشْبِيه ﷾ علوا كَبِيرا عَن ذَلِك كُله وَالله جلّ وَعلا أوضح هَذَا غَايَة الْإِيضَاح وَلم يتْرك فِيهِ أَي لبس أَو إِشْكَال وَحَاصِل تَحْرِير ذَلِك أَن الله تَعَالَى بَين أَن الْحق فِي آيَات الصِّفَات متركب على أَمريْن
أَحدهمَا تَنْزِيه الله تَعَالَى من مشابهة الْحَوَادِث فِي صفاتهم ﷾ عَن ذَلِك علوا كَبِيرا
وَالثَّانِي الْإِيمَان بِكُل مَا وصف الله بِهِ نَفسه أَو وَصفه بِهِ رَسُوله ﷺ لِأَنَّهُ لَا يصف الله تَعَالَى أحد أعلم بِاللَّه من الله ﴿أأنتم أعلم أم الله﴾ وَلَا يصف الله تَعَالَى بعد الله أعلم من رَسُول الله ﷺ الَّذِي قَالَ تَعَالَى فِيهِ ﴿وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى﴾ فَمن نفى عَن الله تَعَالَى وَصفا أثْبته لنَفسِهِ فِي كِتَابه الْعَزِيز أَو أثْبته لَهُ رَسُوله ﷺ زاعما أَن ذَلِك الْوَصْف يلْزمه مَالا يَلِيق بِاللَّه ﷿ فقد جعل نَفسه أعلم من الله وَرَسُوله بِمَا يَلِيق بِهِ سُبْحَانَهُ ثمَّ قَالَ وَمن اعْتقد أَن وصف الله تَعَالَى يشابه صِفَات الْخلق فَهُوَ مشبه ملحد ضال وَمن أثبت لله تَعَالَى مَا أثْبته لنَفسِهِ وأثبته لَهُ رَسُوله ﷺ مَعَ تنزيهه تَعَالَى عَن مشابهة الْخلق فَهُوَ مُؤمن جَامع بَين الْإِيمَان بِصِفَات الْكَمَال والجلال والتنزيه عَن مشابهة الْخلق سَالم من ورطة التَّشْبِيه والتعطيل
وَالْآيَة الَّتِي أوضح الله تَعَالَى بهَا هَذَا هِيَ قَوْله تَعَالَى لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير فنفى عَن نَفسه ﷿ مماثلة الْحَوَادِث بقوله لَيْسَ كمثله شَيْء وَأثبت لنَفسِهِ صِفَات الْكَمَال والجلال بقوله ﴿وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾ فَصرحَ فِي هَذِه الْآيَة بِنَفْي الْمُمَاثلَة مَعَ الاتصاف بِصِفَات الْكَمَال والجلال
قَالَ مُحَمَّد بن مَرْزُوق الزَّعْفَرَانِي حَدثنَا الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب قَالَ أما الْكَلَام فِي
1 / 48