المبحث الرابع نشأة علم الفروق الفقهية
نشأت الفروق - بصفة عامة - في كل علم مع نشأة العلم ذاته، إذ ما من علم إلا ويقع بين بعض فروعه ومسائله تشابه قد يؤدي إلى التسوية بينها في الأحكام، مع وجود فارق مؤثر بينها قد يخفى، ولا يقف عليه إلا من تضلع في الفن وأدركه، وسبر غوره، وعرف أسراره ودقائقه، وكانت لديه ملكة ذهنية تساعده على ذلك، ثم إنه فيما يبدو لما كثرت مسائل الفروق في بعض العلوم، وخشية من وقوع التداخل بينها في الأحكام؛ أوجد ذلك في نفوس بعض العلماء البارزين في تلك العلوم الحاجة إلى إيضاحه وإبرازه بشكل مستقل كفن قائم بذاته، والتأليف فيه بمؤلفات خاصة ترسم قواعده، وتجمع مسائله، وتظهر فوائده، فوجدت مؤلفات في هذا الفن لفنون متعددة كاللغة (١)، والأصول (٢)، وغيرها.
والفقه الإسلامي كغيره من العلوم، ظهرت الفروق فيه منذ نشأته، حيث
_________
(١) من المؤلفات فيه: كتاب (الفروق في اللغة)، لأبي هلال العسكري، وهو مطبوع.
(٢) ومن المؤلفات فيه: كتاب (الليث العابس في صدمات المجالس) لإسماعيل بن معلا الشافعي، وقد اشتمل الكتاب على طائفة من الفروق الأصولية كالفرق بين الشرط والسبب، ونحو ذلك. وللكتاب نسخة مصورة على الميكروفيلم بمركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى برقم (١٠١) أصول.
ومن المؤلفات فيه: رسالة صغيرة بعنوان (الفرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب) للعلامة البلقيني الشافعي، وهي في محفوظات دار الكتب المصرية. وقد نقل عنها بعض الفروق السيوطي في الأشباه والنظائر، ص، ٥٢٩، وقد حقق هذه الرسالة د. حمزة الفعر، ونشر في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد ١٣، السنة الرابعة، عام ١٤١٢ هـ.
1 / 22