تلخيص قول الأخفش هذا وشرحه:
أما قوله: ليس الجر في الأفعال لأنها أدلة، فهو كما ذكرناه أولًا من أن الأفعال عبارة عن حركات الفاعلين، فهي أدلة على فاعليتها، وفي حروفها دليل على الحدث، وفي أبنيتها دليل على الزمان، وفي المتعدي منها دليل على المفعول. وأما قوله: وليست الأدلة بالشيء الذي تدل عليه، فكلام غير مشكل ولا محتاج إلى تفسير، لأن كل ذي عقل يعلم (أن) الدليل على الشيء غيره. وأما قوله: وأما زيد وعمرو وأشباه ذلك فهو الشيء بعينه، فكلام ملبس مشكل خارج مخرج المُلغَز من الكلام، لأنه لا اتصال له بما ذكره، وأي اتصال بين قوله: وليس الأدلة بالشيء الذي تدل عليه، وبين قوله: وأما زيد وعمرو وأشباه ذلك فهو الشيء بعينه؟ وإنما غرضه أن يخبر أن الإضافة إلى الفعل غير ممكنة لأنه دليل على الفاعل والمفعول والحدث، والإضافة إنما تكون إلى الفاعل أو المفعول أو الحدث، ولا تجوز الإضافة إلى ما دل على هذه الأشياء وهو الفعل، لأن الدليل على الشيء غيره، ولا تجوم الإضافة إلى الدليل والمراد به المدلول عليه. وأما قوله: وليس جر في شيء من الكلام إلا بالإضافة فهو قول سيبويه الذي قدمته لك أولًا وذكرت لك أن كل علة يحتج بها في امتناع الفعل من الخفض راجعة إليه موضحة له.
جواب ثالث في امتناع الأفعال من الإضافة إليها أو خفضها. وهو للأخفش أيضًا. قال الأخفش: لا يدخل الأفعال الجر، لأنه لا يضاف إلى الفعل، والخفض لا يكون إلا بالإضافة. ولو أضيف إلى الفعل، والفعل لا يخلو من فاعل. وجب أن يقوم الفعل وفاعله مقام التنوين، لأن المضاف إليه يقوم
1 / 110