وقال ابن عباس: ما أنزل الله تعالى كتابًا إلا بالعربية، ثم ترجم لكل نبي على لسان أمته وقال عمر بن الخطاب: عليكم بالعربية، فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة.
وقال عمر أيضًا: لأن أقرأ فأخطي أحبُّ إليّ من أن أقرأ فألحن. لأني إذا أخطأت رجعت، وإذا لحنت افتريت.
وقال أبو بكر وعمر: تعلُّم إعراب القرآن أحب إلينا من تعلم حروفه. وقال عمر لقوم رموا فأساؤوا الرمي فقال: بئس ما رميتم. فقالوا: إنا قوم متعلمين فقالك والله لخطؤكم في كلامكم أشد من خطئكم في رميكم. سمعت رسول الله ﷺ: يقول "رحم الله امرأً أصلح من لسانه" وقال بعض السلف: ربما دعوت فلحنت، فأخاف ألاّ يُستجاب لي. وقال أمير المؤمنين علي ﵇ "قيمة كل امرئ ما يحسن" وهذا قول جامع في فنون العلم.
وبعد فأدب العرب وديوانها هو الشعر، ولن يمكن أحدًا من المولدين إقامته إلا بمعرفة النحو. ولا يطيق أحد من المتكلفين قول الشعر أن يتعاطى قوله إلا بعد إتقانه وجوه العربية، فإن تكلفه منهم متكلف، غير عارف بالعربية. خبط في عشواء، وبان عرواه للخاصة في أقرب مدة.
وهذا باب يطول جدًا، أعني مدح العربية والنحو، وفيما ذكرت منه مقنع في هذا الموضع. فأما من تكلم من العامة بالعربية بغير إعراب فيُفهم عنه، فإنما ذلك في المتعارف المشهور والمستعمل المألوف بالدراية. ولو التجأ أحدهم إلى الإيضاح عن معنىً ملتبس بغيره، من غير فهمه بالإعراب، لم يمكنه ذلك. وهذا أوضح من أن يُحتاج إلى الإطالة فيه.
1 / 96