وقال بعضهم: لا إعادة عليه والحجة لهم أن الله تعالى علق التيمم بعدم الوجدان لا بعدم كون الماء وقد لا يوجد الشيء وهو في موضعه ولم يقل الله تعالى: وإن لم يكن ماء فتيمموا وإنما قال: ( وإن لم تجدوا ماء ) فقد حصل الشرط الذي يجوز به التيمم وصلى كما أمر ولا إعادة عليه، والحجة لأصحاب الرأي الأول أن العبادات إذا لزمت الأبدان فليس جهل وجود الماء بمسقط فض ما وجب من فروض طهارة الصلاة، وذلك مثل رجل يحتلم فينسى احتلامه، ويتوضأ ويصلي فإذا علم بجنابته وجبت عليه الإعادة وكانت غفلته ونسيانه لا يسقطان عنه ما وجب عليه من فرض الاغتسال، وكذلك الناسي للرقبة في ملكه لا يجزيه الصوم الذي هو بدل منها في كفارة الظهار، وكذلك من صلى بثوب نجس ولم يعلم؛ ثم علم أو نسي نجاسة أو صلى على غير طهور وهو ناس لحدثه، فعليه القضاء بالاتفاق([4])، والأصل في التحديد الذي ذكرناه في المسافر بميل ونصف ميل إذا خرج في طلب معاشه فإنما هو عندي استحسان منهم، لأن السفر عذر ويدل أيضا على ذلك ما في الأثر مما وجدته، وقال: ليس على المسافر أن يطلب الماء إذا لم يحضر وقد قرنه الله تعالى بالمرض الذي يجوز معه التيمم ولذلك أوجبوا على المسافر إذا نزلت عليه جنابة أن يتيمم، ثم يشتغل في طلب الماء ويهيئ موضعا يغتسل فيه كالمريض الذي لا يجد التجفف يتيم ثم يشتغل بالتجفف، واختلفوا في الذي يشتغل بتسخين الماء أو تبريده هل هو مريض([5]) عليه التيمم أم لا؟ وأما المقيم الذي يشتغل بطلب الماء أو باستعداد موضع يغتسل فيه فإنه ليس عليه تيمم ولكن يفعل ما أدرك، ولو طلع عليه الفجر، وهذا إذا استعد الماء ولم يضيع. وقال بعضهم في المقيم إذا استعد الماء ونزلت عليه جنابة فاستيقظ فأصاب ماءه قد تلف وخاف طلوع الفجر فإنه يتيمم ثم يشتغل بطلب الماء كالمسافر وأما إن اشتغل باستعداد موضع يغتسل فيه فليس عليه تيمم على كل حال والله أعلم.
Shafi 290