والصحيح الذي يخاف من برودة الماء أو سخونته إن كان ساخنا وخاف الهلاك أو المضرة، قال بعضهم: يجوز له التيمم قياسا على المريض، وقال آخرون: لا يجوز له التيمم، والصحيح أنه يجوز له التيمم لحديث جابر قال: ( بلغني أن رجلا أجنب في سفره في يوم بارد فامتنع من الغسل فأمر به فاغتسل فمات، فقيل ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال: قتلوه، قاتلهم الله ) إلا إن كان في موضع يقدر على تسخين الماء أو تبريده إن كان سخنا أو باردا فعليه أن يسخن لأن ما لا يمتثل الأمر إلا به مأمور به.
مسألة:
وأما العادم للماء الذي يجوز له التيمم فهو كل مسافر([11]) يتعذر حصول الماء لديه بأن لا يجده أو لا يجد ما يتناوله به فعلا، مثل إن كان الماء في بئر وليس عنده دلو أو كان لا يصل إلى الماء إلا بالشراء وليس عنده مال، فإن هذا عادم للماء يجزيه التيمم، وكذلك إن حال بينه وبين الماء سبع يخاف منه أو عدو يقتله فإنه غير واجد للماء ويجزيه التيمم، وليس له أن يحمل نفسه على حالة مخوفه، ولا يعرضها لخطة متلفة، وقد يسر الله تعالى على عباده تخفيفا وكان بهم ولله الحمد لطيفا، والدليل على هذا ما روي من طريق ابن عباس قال: ( خرج عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وهو أمير على الجيش فأجنب فخاف من شدة الماء فتيمم، فلما قدم على النبي عليه الصلاة والسلام أخبره أصحابه بما فعل فقال عليه الصلاة والسلام: يا عمر لم فعلت ذلك ومن أين علمته؟ فقال له: يا رسول الله وجدت الله يقول: { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فضحك النبي عليه الصلاة والسلام ولم يرد عليه شيئا )([12]) والله أعلم. وكذلك إن كان معه من الماء([13]) ما لا يستغني عنه لطعامه وشرابه فإنه يتيمم ويستعمل الماء لطعامه وشرابه وينجي نفسه من الهلاك لهذا الحديث.
مسألة:
Shafi 282