وكانت حجرة أزهارها على غاية من الجمال، وبعد أن مررنا بها قالت: هذه هي مملكتي الصغيرة، وقد رأيت كل ما فيها؛ لأن هنا آخر حدودها.
فقلت لها: لقد تذرعت باسم والدي لدخول هذه المملكة، فاسمحي لي باسمه أيضا أن أعود لأومن بالسعادة وأتأكد أنها لم تدفع بي إلى زاوية النسيان.
مدت يدها إلي فلمستها دون أن أجسر على رفعها إلى شفتي، وأمسى المساء فعدت إلى مسكني، وعندما أوصدت بابي واستلقيت على فراشي، لاح البيت الأبيض الصغير أمام عيني، فكنت أراني أخترق القرية متجها إلى الحاجز لأقرع بابه، وهتفت قائلا: تبارك الله، يا قلبي، فإنك لم تزل فتيا، ويمكنك أن تحيا، ويمكنك أن تحب بعد.
الفصل السادس
وكنت في ذات ليلة عند مدام بيارسون، وكان قد مر علي ثلاثة أشهر لم يفتني منها يوم دون أن أجتمع بها، وما أذكر من هذه الأيام إلا أنني كنت أراها، وقد قال لابرويير: يكفي الإنسان أن يوجد قرب من يهوى، سواء استغرق في تفكيره أو تكلم، وسواء اتجه فكره إليه أو إلى أي موضوع كان.
ومرت علينا ثلاثة أشهر ونحن نتمتع بالتنزه ساعات طويلة، فاطلعت على أسرار أعمالها المبرورة، وكنا نجتاز الغابات وهي ممتطية مهرا وأنا أمشي وراءها وبيدي عصا صغيرة، فكنا نذهب حاملين همنا وحبورنا لنقرع أبواب الأكواخ.
وكان على مدخل الغاب مقعد خشبي، كنت أذهب فأجلس عليه كل مساء بعد العشاء، فالتقى بها هنالك كأن الصدفة تسوقنا إلى هذا المكان بلا وعد.
وفي السهرة كنا نلعب بالورق مع عمتها قرب الموقد كما كان الحال في عهد والدي، وهكذا كانت أمامي في كل آن ومكان تملأ ابتساماتها جوانب قلبي.
بأي قضاء قدتني إلى الشقاء أيتها العناية العلياء؟ وماذا كان علي أن أقتحم من قبل لأصل إلى هذه الحياة الحرة، إلى مثل هذا الولاء والراحة حيث تنبثق أوائل ذرات الآمال.
علام يشكو الناس الحياة؟ لهم الله! أليس لديهم الحب؟ وهل من شيء أعذب من الحب؟
Shafi da ba'a sani ba